ويكون معنى الآية على هذا : يوم التغابن الجائز مطلقاً من غير تفصيل، وذلك يوم التَّغابن الذي لا يستدرك أبداً.
قال بعض علماء الصُّوفية : إنَّ الله - تعالى - كتب الغَبْنَ على الخَلْقِ أجمعين، فلا يلقى أحد ربه إلا مغبوناً؛ لأنه لا يمكنه الاستيفاء للعمل حتى يحصل له استيفاء الثواب.
قال - ﷺ - :« لاَ يَلْقَى اللَّهَ أحَدٌ إلاَّ نَادِماً إن كَان مُسِيئاً أن لَمْ يُحْسِنْ، وإن كَانَ مُحْسِناً أنْ لَمْ يَزْدَدْ ».
قوله :﴿ وَمَن يُؤْمِن بالله وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ ﴾.
قرأ نافع وابن عامر : بالنون، والباقون : بالياء.
قوله :﴿ والذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ ﴾ يعني القرآن ﴿ أولئك أَصْحَابُ النار خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ المصير ﴾.
قال ابن الخطيب : فإن قيل : قال الله تعالى في حق المؤمنين :﴿ وَمَن يُؤْمِن بالله ﴾ بلفظ المستقبل، وفي حق الكُفَّار قال :« والذين كفروا » بلفظ الماضي؟.
فالجواب : أن تقدير الكلام : ومن يؤمن بالله من الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ندخله جنات ومن لم يؤمن منهم أولئك أصحاب النار.
فإن قيل : قال تعالى :﴿ وَمَن يُؤْمِن ﴾ بلفظ الواحد و « خَالدِينَ » بلفظ الجمع؟.
فالجواب : ذلك بحسب اللفظ وهذا بحسب المعنى.
فإن قيل : ما الحكمة في قوله تعالى :﴿ وَبِئْسَ المصير ﴾ بعد قوله :﴿ خَالِدِينَ فِيهَآ ﴾ وذلك بئس المصير؟.
والجواب : أن ذلك وإن كان في معناه فلا بد من التصريح [ بما ] يؤكده.