وعن أنس قال : طلق رسول الله ﷺ حفصة - رضي الله عنها - فأتَتْ أهلها، فأنزل الله تعالى عليه :﴿ ياأيها النبي إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾، وقيل له : راجعها فإنها صوَّامة قوَّامة، وهي من أزواجك في الجنة. ذكره القشيري والماوردي والثعلبي.
زاد القُشيريّ : ونزل في خروجها إلى أهلها قوله تعالى :﴿ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ ﴾.
وقال الكلبي : سبب نزول هذه الآية غضبُ رسول الله ﷺ على حفصة لما أسر إليها حديثاً فأظهرته لعائشة، فطلقها تطليقة، فنزلت الآية.
وقال السُّديُّ : نزلت في عبد الله بن عمر، طلق امرأته حائضاً تطليقة واحدة، فأمره النبي ﷺ بأن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، فإن أراد أن يطلقها فليطلِّقها حين تطهر من قبل أن يجامعها فتلك العدَّة التي أمر اللَّه أن تطلق لها النساء.
وقد قيل : إن رجالاً فعلوا مثل ما فعل عبد الله بن عمر، منهم عبد الله بن عمرو بن العاص، وعمرو بن سعيد بن العاص، وعتبة بن غزوان، فنزلت الآية فيهم.
قال ابن العربي : وهذا كله وإن لم يكن صحيحاً فالقول الأول أمثل وأصح، والأصح فيه أنه بيان لشرع مبتدأ.
فصل في الطلاق
روى الثعلبي من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ :« إنَّ مِنْ أبْغَضِ الحَلالِ إلى اللَّهِ الطَّلاقُ ».
وعن علي عن النبي ﷺ قال :« تَزَوَّجُوا ولا تُطَلِّقُوا، فإنَّ الطَّلاقَ يَهْتَزُّ مِنْه العَرْشُ ».
وعن أبي موسى قال : قال رسول الله ﷺ :« لا تُطلِّقُوا النِّساءَ إلاَّ من ريبَةٍ فإنَّ اللَّه - عزَّ وجلَّ - لا يُحِبُّ الذَّوَّاقِينَ ولا الذواقات ».
وعن أبي موسى قال : قال رسول الله ﷺ :« مَا حَلَفَ بالطَّلاقِ ولا اسْتَحْلَفَ بِهِ إلاَّ مُنَافِقٌ » أسنده الثعلبي.
وروى الدارقطني عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله ﷺ :« يَا مُعَاذُ مَا يَخْلُقُ اللَّهُ تَعالَى شَيْئاً عَلَى وَجْهِ الأرْضِ أحَبُّ إليْهِ مِنَ العِتَاقِ، ولا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى شَيْئاً أبْغَضَ إِليْهِ من الطَّلاقِ، فإذَا قَالَ الرَّجُلُ لمَمْلُوكَهِ : أنتَ حُرٌّ - إن شَاءَ اللَّهُ - فَهُو حُرٌّ ولا اسْتِثْنَاءَ لَهُ، وإذَا قَالَ الرَّجلُ لامْرأتِهِ : أنت طَالِقٌ إن شَاءَ الله فَلهُ اسْتِثْنَاؤهُ، ولا طَلاقَ عَلَيْهِ ».
وعن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله ﷺ :« مَا أحَلَّ اللَّهُ شَيْئاً أبْغَضَ إلَيْهِ مِنَ الطَّلاقِ، فَمَن طلَّقَ واسْتَثْنَى فَله ثنياه ».
قال ابن المنذر : واختلفوا في الاستثناء في الطلاق والعتق : فقالت طائفة بجوازه، وهو مروي عن طاووس.