وقيل : إن معاذ بن جبل سأل عن عدّة الكبيرة التي يئست، فنزلت الآية.
وقال مجاهد : الآية واردة في المستحاضة لا تدري دم حيض هو أو دم علة؟.
فصل في تفسير الآية
قال المفسرون :﴿ واللائي يَئِسْنَ مِنَ المحيض مِن نِّسَآئِكُمْ ﴾، فلا يرجون أن يحضن « إن ارتبْتُمْ » أي : شككتم.
وقيل : تيقنتم، وهو من الأضداد، يكون شكًّا ويقيناً كالظَّن.
واختيار الطَّبري : أن يكون المعنى إن شككتم، فلم تدروا ما الحكم فيهن.
وقال الزجاج : إن ارتبتم في حيضها وقد انقطع عنها الحيض وكانت ممن يحيض مثلها.
قال القشيري : وفي هذا نظر، لأنا إذا شككنا، هل بلغت سن اليأس لم نقل : عدتها ثلاثة أشهر.
والمعتبر في سن اليأس أقصى عادة امرأة في العالم.
وقيل : غالب نساء عشيرة المرأة.
وقال مجاهد : قوله :« إن ارْتَبْتُمْ » للمخاطبين، يعني إن لم تعلموا كم عدة الآيسة، والتي لم تحضْ فالعدّة هذه.
وقيل : المعنى إن ارتبتم أن الدم الذي يظهر منها من أجل كبر أو من الحيض المعهود أو من الاستحاضة فالعدة ثلاثة أشهر.
وقال عكرمة وقتادة : من الريبة المرأة المستحاضة التي لا يستقيم لها الحيض تحيض في أول الشهر مراراً، وفي الأشهر مرة.
وقيل : إنه متصل بأول السورة، والمعنى لا تخرجوهن من بيوتهن إن ارتبتم في انقضاء العدة.
قال القرطبي :« وهو أصح ما قيل فيه ».
فصل في المرتابة في عدتها
المرتابة في عدتها لم تنكح حتى تستبرىء نفسها من ريبتها، ولا تخرج من العدة إلا بارتفاع الرِّيبة، وقد قيل في المرتابة التي ارتفع حيضها، لا تدري ما رفعه إنها تنتظر سنة من يوم طلَّقها زوجها، منها تسعة أشهر استبراء، وثلاثة عدة، فإن طلقها فحاضت حيضة، أو حيضتين، ثم ارتفع حيضها بغير يأس منها انتظرت تسعة أشهر ثم ثلاثة من يوم طهرت من حيضها ثم حلت [ للأزواج ]. وهذا قول الشافعي بالعراق.
فعلى قياس هذا القول تقيم الحرة المتوفى عنها زوجها المستبرأة بعد التسعة أشهر [ أربعة أشهر وعشراً، والأمة شهرين وخمس ليال بعد التسعة أشهر ].
وروي عن الشافعي أيضاً : أن أقراءها على ما كانت حتى تبلغ سنَّ اليائسات.
وهو قول النخعي والثوري وغيرهما، وحكاه أبو عبيدة عن أهل العراق.
فصل في ارتياب المرأة الشابة
إذا ارتابت المرأة الشابة هل هي حامل أم لا؟.
فإن استبان حملها فأجلها وضعه، وإن لم يستبن، فقال مالك : عدة التي ارتفع حيضها وهي شابة سنة، وبه قال أحمد وإسحاق وروي عن عمر بن الخطَّاب وغيره.
وأهل « العراق » يرون أن عدتها ثلاث حيض بعد ما كانت حاضت مرة واحدة في عمرها وإن مكثت عشرين سنةً، إلا أن تبلغ من الكبر سنًّا تيأس فيه من الحيضِ فتكون عدتها بعد الإياس ثلاثة أشهر.