قال الثعلبي : وهذا الأصح من مذهب الشافعي وعليه جمهور العلماء، وروي ذلك عن ابن مسعود وأصحابه.
قال إلكيا : وهو الحق، لأن الله تعالى جعل عدة الآيسة ثلاثة أشهر. والمرتابة ليست آيسة.
فصل فيمن تأخر حيضها لمرض
فأما من تأخر حيضها لمرض، فقال مالك وبعض أصحابه : تعتد تسعة أشهر ثم ثلاثة كما تقدم.
وقال أشهب : هي كالمرضع بعد الفطام بالحيض أو بالسنة.
وقد طلق حبان بن منقذ امرأته وهي ترضع، فمكثت سنة لا تحيض لأجل الرضاع ثم مرض حبان فخاف أن ترثه فخاصمها إلى عثمان وعنده عليّ وزيد فقالا : نرى أن ترثه، لأنها ليست من القواعد ولا من الصغار، فمات حبان فورثته واعتدت عدة الوفاة.
فصل
لو تأخّر الحيض بغير مرض ولا رضاع فإنها تنتظر سنة لا حيض فيها، تسعة أشهر ثم ثلاثة على ما تقدم، فتحل ما لم ترتب بحمل، فإن ارتابت بحمل أقامت أربعة أعوام أو خمسة أو سبعة على الاختلاف.
قال القرطبي :« وأشهر الأقوال خمسة أعوام، فإن تجاوزتها حلت ».
وقال أشهب : لا تحل أبداً حتى تنقطع عنها الريبة.
قال ابن العربي :« وهو الصحيح، إذا جاز أن يبقى الولد في بطنها خمسة أعوام جاز أن يبقى عشرة أو أكثر من ذلك »، وروي مثله عن مالك.
فصل فيمن جهل حيضها بالاستحاضة
وأما التي جهل حيضها بالاستحاضة ففيها أقوال :
قال ابن المسيب : تعتد سنة. وهو قول الليث.
قال الليث : عدة المطلقة والمتوفى عنها زوجها إذا كانت مستحاضة « سنة ».
قال القرطبي :« وهو مشهور قول علمائنا، سواء علمت دم حيضها من دم استحاضتها، وميزت ذلك أو لم تميزه، عدّتها في مذهب مالك سنة، منها تسعة أشهر استبراء، وثلاثة عدّة ».
وقال الشَّافعي في أحد أقواله : عدتها ثلاثة أشهر، وهو قول جماعة من التابعين والمتأخرين.
قال ابن العربي :« وهو الصحيح عندي ».
وقال أبو عمر : المستحاضة إذا علمت إقبال حيضتها وإدبارها اعتدت بثلاثة قُرُوءٍ.
قال القرطبي :« وهذا أصحّ في النظر، وأثبت في القياس والأثر ».
قوله :﴿ واللائي لَمْ يَحِضْنَ ﴾.
يعني : الصغيرة، فعدتهن ثلاثة، فأضمر الخبر، وإنما كانت عدتها الأشهر لعدم الأقراء في حقِّها عادة، والأحكام إنما أجراها اللَّه تعالى على العادات، فتعتد بالأشهر، فإن رأت الدَّم في زمن احتماله عند النِّساء انتقلت إلى الدَّم لوجود الأصل، فإذا وجد الأصل لم يبق للبدل حكم، كما أن المُسِنَّة إذا اعتدت بالدم، ثم ارتفع عادت إلى الأشهر، وهذا إجماع.
فصل
قوله :﴿ وَأُوْلاَتُ الأحمال أَجَلُهُنَّ ﴾ وضع الحمل، وإن كان ظاهراً في المطلقة؛ لأنه عليها عطف وإليها رجع عقب الكلام، فإنه في المتوفى عنها زوجها كذلك، لعموم الآية، وحديث سبيعة، كما مضى في سورة « البقرة ».