٤٦٢٣- لا أرَى المَوْتَ يَسْبِقُ المَوْتَ شَيْءٌ نَغَّصَ المَوْتُ ذَا الغِنَى والفَقِيرَا

فصل في معنى الآية


المعنى : ولا تنقصوا ولا تبخسوا الوزن والكيل، كقوله :﴿ وَلاَ تَنقُصُواْ المكيال والميزان ﴾ [ هود : ٨٤ ].
وقيل : لا تخسروا ميزان حسناتكم يوم القيامة، فيكون ذلك حسرة عليكم، وكرَّر الميزان لحال رُءُوس الآي.
وقيل : التكرير للأمر بإيفاء الوزن، ورعاية العدل فيه.
وقال ابن الخطيب :﴿ ولا تخسروا الميزان ﴾ أي : لا تنقصوا الموزون.
وذكر « الميزان » ثلاث مرات، فالأول : بمعنى الآلة، وهو قوله « وَضَعَ المِيزانَ ».
والثاني : بمعنى المصدر أي : لا تطغوا في الوزن.
والثالث : للمفعول، أي : لا تخسروا الموزون.
وبين القرآن و « الميزان » مناسبة، فإن القرآن فيه العلم الذي لا يوجدُ في غيره من الكتب، والميزان به يقام العدل الذي لا يقام بغيره من الآلات.
قوله :﴿ والأرض وَضَعَهَا لِلأَنَامِ ﴾، كقوله :﴿ والسمآء رَفَعَهَا ﴾.
قرأ أبو السمال : بالرفع مبتدأ، و « الأنام » علّة للوضع.
« الأنام ». قيل : كل الحيوان.
وقيل : بنو آدم خاصة، وهو مروي عن ابن عبَّاس نقل النووي في « التهذيب » عن الزبيدي :« الأنام » : الخَلْق، قال : ويجوز الأنيم.
وقال الواحدي : قال الليث :« الأنامُ » ما على ظهر الأرض من جميع الخلق.
وقيل : هم الإنس والجن. قاله الحسن، والأول قاله الضَّحاك.
ووزنه :« فَعَال » ك « قَذَال » فيجمع في القلة على « أنِمّة » بزنة :« امرأة أنمّة »، وفي الكثرة على « أنْم » ك « قَذَال وأقذلة وقُذْل ».
قوله :« فيها فاكهة » يجوز أن تكون هذه الجملة حالاً من « الأرض » إلا أنها حال مقدرة، والأحسن أن يكون الجار والمجرور هو الحال.
و « فاكهةٌ » رفع بالفاعلية، ونكرت لأن الانتفاع بها دون الانتفاع بما ذكر بعدها، وهو من باب الترقّي من الأدنى إلى الأعلى.
قال ابن الخطيب : الأرض موضوعة لكل ما عليها، وإنما خصّ الإنسان بالذِّكْر؛ لأن الانتفاع بها أكثر، فإنه ينتفع بها، وبما فيها، وبما عليها، فقال :« للأنام » لكثرة انتفاع الأنام بها.
وقوله :« فِيهَا فَاكِهَةٌ ».
أي : ما يتفكّه به الإنسان من ألوان الثمار.
قوله :﴿ والنخل ذَاتُ الأكمام ﴾ إشارة إلى الأشجار.
و « الأكمام » جمع « كِمّ » - بالكسر - وهو وعاء الثمر.
قال الجوهري : و « الكِمُّ » - بالكسر - و « الكِمَامة » : وعاء الطلع، وغطاء النَّوْر، والجمع :« كِمَام » و « أكِمَّة »، و « الأكاميم » أيضاً، و « كم » الغسيل إذا أشفق عليه، فسُتر حتى يقوى، قال العجاج :[ الرجز ]
٤٦٢٤- بَلْ لَوْ شَهِدتَ النَّاسَ إذْ تُكُمُّوا غُمَّةٍ لَوْ لَمْ تُفَرَّجْ غُمُّوا
و « تكمّوا » : أي أعمى عليهم وغطّوا.


الصفحة التالية
Icon