وجوز أبو البقاء في « جبريل » أن يكون معطوفاً على الضمير في « مولاهُ »، يعني المستتر، وحينئذٍ يكون الفصل بالضمير المجرور كافياً في تجويز العطف عليه.
وجوز أيضاً : أن يكون « جبريل » مبتدأ، و « صالحُ » عطف عليه، فالخبرُ محذوفٌ، أي : مواليه.
فصل في المراد بصالح المؤمنين
قال ابن عباس رضي الله عنهما : أراد بقوله « وصَالحُ المؤمنين » يعني أبا بكر وعمر مواليين للنبي ﷺ على من عاداه، وناصرين له : وهو قول المقاتلين.
وقال الضحاكُ : خيار المؤمنين.
وقيل : كل من آمن وعمل صالحاً.
وقيل : كل من برىء من النفاقِ.
وقيل : الأنبياء.
وقيل : الخلفاء.
وقيل : الصحابة.
قوله :﴿ عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ ﴾.
قيل : كل « عَسَى » في القرآن واجب إلا هذا.
وقيل : واجب، ولكن الله - عزَّ وجلَّ - علقه بشرط، وهو التطليق ولم يطلقهن.
قال النحويون :« إنْ طلَّقكُنَّ » شرط معترض بين اسم « عَسَى » وخبرها، وجوابه محذوفٌ، أو متقدم، أي « إنْ طلقَكُنَّ فَعَسى ».
وأدغم أبو عمرو القاف في الكاف على رأي بعضهم.
قال : وهو أولى من ﴿ يَرْزُقُكمْ ﴾ [ يونس : ٣١ ]، ونحوه لثقل التأنيثِ.
قوله :﴿ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً ﴾.
قرىء : مخففاً ومشدداً، كما تقدم في « الكهف ».
والتبديل والإبدال بمعنى كالتنزيل والإنزال.
وقوله :﴿ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ ﴾.
لأنكن لو كنتن خيراً منهن ما طلقكن رسول الله ﷺ قال معناه السديُّ.
وقيل : هذا وعد من الله تعالى لرسوله لو طلقهن في الدنيا أن يزوجه في الآخرة نساء خيراً منهن، وكان الله عالماً بأنه لا يطلقهن، ولكن أخبر عن قدرته على أنه إن طلقهن أبدله خيراً منهن تخويفاً لهن، كقوله تعالى :﴿ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ﴾ [ محمد : ٣٨ ] وهو إخبار عن القدرة وتخويف لهم، لا أن في الوجودِ من هو خير من أصحاب محمد ﷺ
فصل في الكلام على لفظ مسلمات
قوله :﴿ مُسْلِمَاتٍ ﴾ إلى آخره. إما نعت أو حال أو منصوب على الاختصاص.
قال سعيد بن جبير : يعني مخلصاتٍ.
وقيل : مسلمات لأمر الله تعالى وأمر رسوله خاضعات لله بالطاعة ﴿ مُّؤْمِنَاتٍ ﴾ أي : مصدقات بتوحيد الله.
وقيل : مصدقات بما أمرنَ به : ونهين عنه ﴿ قَانِتَاتٍ ﴾ مطيعات، والقنوت : الطاعة.
وقيل : داعياتٍ بتوحيد الله.
وقيل : مصليات « تائبات » أي : من ذنوبهن، قاله السديُّ.
وقيل : راجعاتٍ إلى أمر رسول الله ﷺ تاركاتٍ لمحاب أنفسهن، ﴿ عَابِدَاتٍ ﴾ أي : كثيرات العبادةِ لله تعالى.
وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - : كل عبادة في القرآن فهو التوحيد ﴿ سَائِحَاتٍ ﴾ أي : صائمات، قاله ابن عبَّاس والحسن وابن جبير.
وقال زيد بن أسلم وابنه عبد الرحمن ويمان : مهاجرات.