وقيل :« غِلاظٌ » في أخذهم أهل النار « شِدادٌ » عليهم، يقال : فلان شديد على فلان، أي : قوي عليه يعذبه بأنواع العذاب.
وقيل : أغلاظ أجسامهم ضخمة « شِدادٌ » أي : أقوياء.
قال ابن عبَّاس : ما بين منكبي الواحد منهم مسيرة سنة.
وقال - ﷺ - في خزنة جهنم :« مَا بَيْنَ منْكبَيْ أحدهِمْ كَمَا بَيْنَ المَشْرقِ والمَغْربِ ».
قوله :﴿ لاَّ يَعْصُونَ الله مَآ أَمَرَهُمْ ﴾.
يجوز أن تكون « ما » بمعنى « الذي »، والعائد محذوف، أي :« مَا أمَرَهُمُوهُ »، والأصل :« بِهِ »، لا يقال : كيف حذف العائد المجرور، ولم يجر الموصول بمثله؟ لأنه يطرد حذف هذا الحرف فلم يحذف إلا منصوباً.
وأن تكون مصدرية، ويكون محلها بدلاً من اسم الله بدل اشتمال، كأنه قيل : لا يعصون أمره.
وقوله :﴿ وَيَفْعَلُونَ ﴾.
قال الزمخشريُّ :« فإن قلت : أليست الجملتان في معنى واحد؟.
قلت : لا؛ لأن الأولى معناها : أنهم يقبلون أوامره ويلتزمونها.
والثانية : معناها أنهم يؤدّون ما يؤمرون به لا يتثاقلون عنه، ولا يتوانون فيه ».
وقال القرطبي :﴿ لاَّ يَعْصُونَ الله مَآ أَمَرَهُمْ ﴾ أي : لا يخالفونه في أمر من زيادة، أو نقصان ﴿ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ في وقته لا يقدمونه، ولا يؤخرونه.
وقيل : أي : لذتهم في امتثال أمر اللَّهِ، كما أن سرور أهل الجنة في الكون في الجنة، ذكره بعض المعتزلة، وعندهم أنه يستحيل التكليف غداً، ولا يخفى معتقد أهل الحقِّ في أن الله يكلف العبد اليوم وغداً، ولا ينكر التكليف غداً في حق الملائكةِ، ولله أن يفعل ما يشاء.