﴿ وَنَجِّنِي مِنَ القوم الظالمين ﴾، أي : الكافرين.
قال الكلبيُّ : أهل « مصر ».
وقال مقاتل : القبط.
قوله :﴿ وَمَرْيَمَ ابنة عِمْرَانَ ﴾.
عطف على ﴿ امرأة فِرْعَوْنَ ﴾.
ضرب الله المثل للكافرين بامرأتين، وللمؤمنين بامرأتين.
وقال أبو البقاء :« ومَرْيَمَ » أي :« واذكر مريم ».
وقيل : أو « ومثل مريم ».
وقرأ العامة :« ابْنَة » بنصب التاء.
وأيوب السختياني : بسكون الهاء، وصلاً، أجرى الوصل مجرى الوقف.
والعامة أيضاً :« فَنَفَخْنَا فيْهِ » أي : في الفرجِ.
وعبد الله :« فِيْهَا » أي : في الجملة. وقد تقدم في « الأنبياء » مثله.
والعامة أيضاً :« وصَدَّقتْ » بتشديد الدال.
ويعقوب وقتادة وأبو مجلز، وعاصم في رواية : بتخفيفها، أي : صدقت فيما أخبرت به من أمر عيسى.
والعامة على :« بِكَلمَاتِ » جمعاً.
والحسن ومجاهد والجحدري :« بِكلمَةِ » بالإفراد.
فقيل : المراد بها عيسى؛ لأنه كلمةُ الله.
فصل في مريم ابنة عمران
ضرب الله مثلاً بمريم ابنة عمران وصبرها على أذى اليهود.
وقوله :﴿ التي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ﴾ عن الفواحش.
وقال المفسرون هنا : أراد بالفرج الجيب، لقوله ﴿ فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا ﴾ وجبريل - عليه السلام - إنما نفخ في جيبها ولم ينفخ في فرجها.
وهي في قراءة أبيٍّ :﴿ فنفخنا في جيبها من روحنا ﴾، وكل خرق في الثوب يسمى فرجاً، ومنه قوله تعالى :﴿ وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ ﴾ [ ق : ٦ ].
ويحتمل أن يكون أحصنت فرجها ونفخ الروح في جيبها.
ومعنى « فَنَفَخْنَا » أرسلنا جبريل فنفخ في جيبها « مِنْ رُوحِنَا » أي : روحاً من أرواحنا وهي روح عيسى، وقوله :﴿ وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا ﴾ أي : قول جبريل لها :﴿ إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ ﴾ [ مريم : ١٩ ] الآية.
وقال مقاتل : يعني بالكلمات عيسى، وأنه نبيّ وعيسى كلمة الله كما تقدم.
وقيل :﴿ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا ﴾ يعني الشرائع التي شرعها الله للعباد بكلماته المنزلة.
قوله :﴿ وَكُتُبِهِ ﴾.
قرأ أهل « البَصْرة » وحفص :« وكُتُبِهِ » على الجمع.
وقرأ الأخرون :« وكِتَابِهِ » على التوحيد.
والمراد منه الكثرة، فالمراد به الجِنْس، فيكون في معنى كل كتاب أنزله الله تعالى.
وقرأ أبو رجاء :« وَكُتْبِهِ » بسكون التاء، وهو تخفيف حسن.
وروي عنه :« وكَتْبِهِ » بفتح الكاف.
قال أبو الفضل : مصدر وضع موضع الاسم، يعني ومكتوبه.
فصل في المراد بالكتب
أراد الكتب التي أنزلتْ على إبراهيم، وموسى، وداود، وعيسى.
وقوله :﴿ وَكَانَتْ مِنَ القانتين ﴾.
يجوز في « مِن » وجهان :
أحدهما : أنها لابتداء الغاية.
والثاني : أنها للتبعيض، وقد ذكرهما الزمخشريُّ، فقال : و « مِنْ » للتبعيض، ويجوز أن تكون لابتداء الغاية، على أنها ولدت من القانتين؛ لأنها من أعقاب هارون أخي موسى صلوات الله على نبيِّنا وعليهما وعلى سائر الأنبياء وآلهم.
قال الزمخشري : فإن قلت : لم قيل :﴿ مِنَ القانتين ﴾ على التذكير؟.