قال شهاب الدين :« وهذا الذي منع تسميته تعليقاً سماه به غيره ويجعلون تلك الجملة في محل ذلك الاسم الذي يتعدى إليه ذلك الفعل، فيقولون في :» عَرفتُ أيُّهُمْ منطلقٌ « : إن الجملة الاستفهامية في محل نصب على إسقاط الخافضِ؛ لأن » نظر « يتعدى به ».

فصل في اللام في قوله : ليبلوكم


قال الزَّجَّاجُ : اللام في « لِيَبْلوَكُمْ » تتعلق بخلقِ الحياة، لا بخلق الموت.
وقال الفراء والزجاج أيضاً : لم تقع البلوى على « أي » لأن فيما بين البلوى و « أي » إضمار فعل كما تقول :« بَلوْتُكمْ لأنْظُر أيكم أطوع »، ومثله قوله تعالى :﴿ سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ ﴾ [ القلم : ٤٠ ]، أي : سلهم، ثم انظر أيهم فأيهم، رفع بالابتداء، والمعنى : ليبلوكم ليعلم، أو فينظر أيكم أحسن عملاً.
قال ابن الخطيب :« أيُّكُمْ » مبتدأ، لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.

فصل في الابتلاء


الابتلاءُ : هو التجربة، والامتحان، حتى يعلم أنه هل يطيع، أو يعصي، وذلك في حق العالم بجميع المعلومات مُحَال، وقد تقدم تحقيق هذه المسألة في قوله تعالى :﴿ وَإِذِ ابتلى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ﴾ [ البقرة : ١٢٤ ].
والحاصل أن الابتلاء من الله هو أن يعامل عبده معاملة تشبه المختبر.

فصل في تفسير الآية


قال السديُّ في قوله تعالى :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ أي : أكثر للموت ذكراً وأحسن استعداداً وأشد خوفاً وحذراً.
وقال ابن عمر :« تلا النبي ﷺ :﴿ تَبَارَكَ الذي بِيَدِهِ الملك ﴾ حتَّى بلغ ﴿ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقال :» أورعُ عن محَارمِ اللَّهِ، وأسرعُ في طاعةِ اللَّهِ « ».
وقيل : يعاملكم معاملة المختبر، فيبلو العبد بموت من يعز عليه ليبين صبره، وبالحياة ليبين شكره.
وقيل : خلق الله الموت للبعث، والجزاء، وخلق الحياة للابتلاء « وهُوَ العَزِيزُ » في انتقامهِ ممن عصاه « الغَفُورُ » لمن تاب.

فصل فيمن قالوا : إن فعل الله يكون لغرض


احتج القائلون بأنه تعالى يفعل الفعل لغرض بقوله :« ليَبْلُوكُمْ » قالوا : وهذه اللام للغرض كقوله تعالى ﴿ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾، والجواب : أن الفعل في نفسه ليس بالابتلاء، إلا أنه لما أشبه الابتلاء سمي به مجازاً، فكذلك هاهنا، إنه يشبه الغرض، وإن لم يكن في نفسه غرضاً فقدم حرف الغرضِ.
قوله :﴿ الذي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً ﴾.
يجوز أن يكون الموصول تابعاً للعزيز الغفُورِ، نعتاً، أو بياناً أو بدلاً.
وأن يكون منقطعاً عنه خبر مبتدأ، أو مفعول فعل مقدر.
وقوله :« طِباقَاً » صفة ل « سَبْعَ »، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه جمع طبق، نحو : جبل وجبال.


الصفحة التالية
Icon