وإبدال الهمزة واواً شائع فصيح وقد تقدم ذلك.
وقرأ طلحة :« اللُّؤلِىء » - بكسر اللام الثالثة - وهي لغة محفوظة، ونقل عنه أبو الفضل :« اللُّولِي » بقلب الهمزة الأخيرة ياء ساكنة، كأنه لما كسر ما قبل الهمزة قلبها ياء استثقالاً.
وقرأ أبو عمرو في رواية :« يُخْرِجُ » أي : الله تعالى، وروي عنه، وعن ابن مقسم :« نُخْرِج » بنون العظمةِ.
و « اللؤلؤ والمرجان » على هاتين القراءتين منصوبان.

فصل في مناسبة نعمة اللؤلؤ والمرجان للنعم السابقة


قال ابن الخطيب : فإن قيل : أي نعمة عظيمة في « اللُّولؤ والمرجان » حتى ذكرهما مع نعمة تعليم القرآن وخلق الإنسان؟.
وأجاب بأن النعم منها خلق الضَّروريات كالأرض التي له مكاناً، وكذا الرزق الذي به بقاؤه.
ومنها ما يحتاج إليه، وإن لم يكن ضروريًّا كالحيوان، وإجراء الشمس والقمر.
ومنها المنافع وإن لم يكن محتاجاً إليها كالفاكهة، وخلق البحار، كقوله تعالى :﴿ والفلك التي تَجْرِي فِي البحر بِمَا يَنفَعُ الناس ﴾ [ البقرة : ١٦٤ ].
ومنها الزينة وإن لم يكن نافعاً كاللؤلؤ والمرجان، كقوله تعالى :﴿ وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ﴾ [ النحل : ١٤ ]، فالله تعالى ذكر أنواع النعم الأربعة، وصدرها بالنعمة العظيمة التي هي الروح وهو العلم بقوله :﴿ عَلَّمَ القرآن ﴾ [ الرحمن : ٢ ]، أو يقال : بأن المقصود منه عجائب الله لا بيان النعم؛ لأن النعم سبق ذكرها فذكر خلق الإنسان من صلصال، وخلق الجان من مارج من نارٍ، وهذان من العجائب الدَّالة على القدرة، لا من النعم.
واعلم أن الأركان أربعة : التراب والماء والهواء والنار، فالله تعالى بيّن بقوله :﴿ خَلَقَ الإنسان مِن صَلْصَالٍ ﴾، أن التراب أصل لمخلوق عجيب، وبين بقوله :﴿ وَخَلَقَ الجآن مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ ﴾، أن النار أيضاً أصل لمخلوق عجيب، وبين بقوله :﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ ﴾ أن الماء أصل لمخلوق آخر كالحيوان عجيب، بقي الهواء لكنه غير محسوس، فلم يذكر أنه أصل مخلوق، لكن بين كونه منشئاً للجواري التي في البحر كالأعلام.
فقال :« ولهُ الجوارِ ».
العامة على كسر « الراء »؛ لأنه منقوص على « مفاعِل » والياء محذوفة لفظاً لالتقاء الساكنين.
وقرأ عبد الله والحسن، ويروى عن أبي عمرو، « برفع الراء تناسياً للمحذوف ». ومنه :[ الرجز ]
٤٦٣٦- لَهَا بَنَاتٌ أرْبَعٌ حِسَانُ وأرْبَعٌ فثَغْرُهَا ثَمَانُ
وهذا كما قالوا : هذا شاكٍ وقد تقدم تقرير هذا في الأعراف عند قوله :﴿ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ﴾ [ الأعراف : ٤١ ].
قوله :« المُنشآتُ ».
قرأ حمزة، وأبو بكر بخلاف عنه بكسر الشِّين، بمعنى أنها تنشىء الموج بجريها، أو تنشىء السير إقْبَالاً وإدباراً، أو التي رفعت شراعها، والشِّراع : القلاع.
وعن مجاهد : كل ما رفعت قلعها فهي من المنشآت، وإلا فليست منها ونسبة الرَّفع إليها مجاز، كما يقال : أنشأت السَّحابة المطر.


الصفحة التالية
Icon