والباقون : بالفتح، وهو اسم مفعول، أي أنشأها الله، أو الناس، أو رفعوا شراعها.
وقرأ ابن أبي عبلة :« المُنَشَّآت » بتشديد الشين مبالغة.
والحسن :« المُنشَّأة » بالإفراد وإبدال الهمزة ألفاً وتاء محذوفة خطاً، فأفرد الصفة ثقة بإفهام الموصوف الجمعية، كقوله :﴿ وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ﴾ [ آل عمران : ١٥ ].
وأما إبداله الهمزة ألفاً وإن كان قياسها بين بين، فمبالغة في التخفيف.
كقوله :[ البسيط ]
٤٦٣٧- إنَّ السِّباعَ لَتَهْدَا فِي مَرَابِضِهَا | ........................... |
و « في البَحْر » متعلق ب « المنشآت » أو « المنشأة »، ورسمه بالتاء بعد الشين في مصاحف « العراق » يقوي قرءاة الكسر، ورسمه بدونها يقوي قراءة الفتح، وحذفوا الألف كما تحذف في سائر جمع المؤنث السالم.
و « كالأعلام » حال، إما من الضمير المستكنّ في « المنشآت »، وإما من « الجواري » وكلاهما بمعنى واحد.
فصل في المراد بالجواري
« الجَوَارِي » جمع جارية. وهي اسم أو صفة للسفينة، وخصها بالذكر؛ لأن جريها في البحر لا صنع للبشر فيه، وهم معترفون بذلك، فيقولون :« لك الفُلْك، ولك المُلْك ».
وإذا خافوا الغرقَ دعوا الله خاصة، وسميت السفينة جارية؛ لأن شأنها ذلك وإن كانت واقفةً في السَّاحل كما سماها في موضع آخر ب « الجارية »، فقال تعالى :﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَا المآء حَمَلْنَاكُمْ فِي الجارية ﴾ [ الحاقة : ١١ ].
وسماها بالفلك قبل أن تكون كذلك، فقال لنوح ﷺ :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا ﴾ [ هود : ٣٧ ] ثم بعد ما عملها سمَّاها سفينة، فقال :﴿ فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ السفينة ﴾ [ العنكبوت : ١٥ ].
واعلم أن المرأة المملوكة تسمى أيضاً جارية؛ لأن شأنها الجري والسعي في حوائج سيدها، بخلاف الزَّوجة، فهو من الصفات الغالبة.
و « السفينة » :« فعيلة » بمعنى « فاعلة » عند ابن دريد، أي : تسفن الماء و « فَعِيلَة » بمعنى « مفعولة » عند غيره بمعنى منحوتة، قال ابن الخطيب : فالفُلك أولاً، ثم السفينة، ثم الجارية.
والأعلام : الجبال، والعلم : الطويل، قال :[ الرجز ]
٤٦٣٨- إذَا قطعْنَ علماً بَدَا عَلَمْ... وقالت الخنساء في صخر :[ البسيط ]
٤٦٣٩- وإنَّ صَخْراً لتَأتَمُّ الهُدَاةُ بِهِ | كَأنَّهُ علمٌ فِي رَأسِهِ نَارُ |
وجمع « الجواري » ووحد « البحر »، وجمع « الأعلام » إشارة إلى عظمةِ البحر.