فمعنى الكلمة إذاً التنحية والإزالة، وذلك لا يكون في حق النبي ﷺ إلا بهلاكه وموته.
قال الهرويُّ : أراد ليغتالونك بعيونهم، فيزيلونك عن مقامك الذي أقامك الله فيه عداوة لك.
وقال ابن عباس : ينفذونك بأبصارهم، يقال : زلق السَّهم، وزهق إذا نفذ، وهو قول مجاهد أي : ينفذونك من شدة نظرهم.
وقال الكلبي : يصرعونك، وعنه أيضاً والسُّدي وسعيد بن جبير : يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة.
وقال العوفي : يرمونك.
وقال المؤرج : يزيلونك.
وقال النضر بن شميل والأخفش : يفتنونك.
وقال الحسن وابن كيسان : ليقتلونك كما يقال : صرعني بطرفه، وقتلني بعينه.
قوله :﴿ لَمَّا سَمِعُواْ الذكر ﴾ من جعلها ظرفية جعلها منصوبة ب « يُزْلقُونكَ »، ومن جعلها حرفاً جعل جوابها محذوفاً للدلالة، أي : لما سمعوا الذِّكر كادوا يزلقونك، ومن جوز تقديم الجواب، قال : هو هنا متقدم.
والمراد بالذكر القرآن، ثم قال :﴿ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴾ وهو على ما افتتح به السُّورة، ثم قال :« ومَا هُوَ » يعني : القرآن.
﴿ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِين ﴾ أي : الذين يزعمون أنه دلالة جنونه إلا ذكر للعالمين تذكير لهم، وبيان لهم على ما في عقولهم من أدلة التوحيد.
وقال الحسنُ : دَوَاء إصابةِ العيْنِ أنْ يَقْرَأ الإنسانُ هذه الآية.
وقيل : وما محمدٌ إلا ذكر للعالمين يتذكرون به.
وقيل : معناه شرف، أي : القرآن، كقوله :﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ﴾ [ الزخرف : ٤٤ ] والنبي ﷺ شرف للعالمين أيضاً شرفوا باتباعه والإيمان به.
عن أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله ﷺ :« مَنْ قَرأ سُورَةَ القلمِ أعْطَاهُ اللَّهُ - عزَّ وجلَّ - ثوابَ الذينَ حسَّنَ اللَّهُ أخلاقهم ».


الصفحة التالية
Icon