قوله :﴿ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ ﴾. أي : أصول نخلٍ، و « كأنهم أعجازُ » حال من القوم، أو مستأنفة.
وقرأ أبو نهيك :« أعْجُز » على وزن « أفْعُل » نحو :« ضَبْع وأضْبُع ».
وقرىء :« نخيل » حكاه الأخفشُ.
وقد تقدَّم أن اسم الجنس يذكَّر ويؤنَّثُ، واختير هنا تأنيثُه للفواصلِ، كما اختير تذكيره لها في سورة « القمر ».
وقال أبو الطُّفيل : أصول نخل خاوية، أي : بالية.
وقيل : خاليةُ الأجوافِ لا شيء فيها.
قال القرطبيُّ : وقد قال تعالى في سورة « القمر » :﴿ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ﴾ [ القمر : ٢٠ ] فيحتمل أنَّهم شُبِّهُوا بالنخل التي صُرعت من أصلها وهو أخبار عن عظم أجسامهم، ويحتمل أن يكون المراد به الأصول دون الجذوع، أي : أنَّ الريح قطعتهم حتى صاروا كأصول النخل خاوية، أي : أن الرِّيح كانت تدخل أجوافهم فتصرعهم كالنخل الخاوية الجوف.
وقال ابن شجرة : كانت الريحُ تدخل في أفواههم فتخرجُ ما في أجوافهم من الحشوِ من أدبارهم، فصاروا كالنخل الخاوية.
وقال يحيى بن سلام : إنما قال : الخاوية، لأن أبدانهم خوت من أرواحهم مثل النخل الخاوية.
قوله :﴿ فَهَلْ ترى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ ﴾.
أدغم اللام في التاء أبو عمرو وحده، وتقدم في « الملك ».
و « مِنْ بَاقِيَة » مفعوله، و « مِنْ » مزيدة، والهاء في « بَاقِية » قيل : للمبالغة، فيكون المراد ب « الباقية » : البقاءُ، ك « الطاغية » بمعنى الطُّغيان، أي : من باقٍ.
والأحسنُ أن يكون صفةً لفرقةٍ، أو طائفةٍ، أو نفس، أو بقية ونحو ذلك.
وقيل : فاعلة بمعنى المصدر ك « العافية » و « العاقبة ».
قال المفسرون : والمعنى هل ترى لهم أحداً باقياً.
قال ابن جريجٍ : كانوا سبعَ ليالٍ وثمانية أيَّام أحياء في عذابِ الله من الريح، فلما أمسوا في اليوم الثامنِ ماتوا فاحتملتهم الريحُ، فألقتهم في البحر، فذلك قوله :﴿ فَهَلْ ترى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ ﴾ وقوله :﴿ فَأْصْبَحُواْ لاَ يرى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ ﴾ [ الأحقاف : ٢٥ ].