وتخلف كافُ الخطابِ همزة « هاءَ » مصرفة تصرف كاف الخطاب، فتقول :« هَاءَ يا زيدُ، هاءِ يا هندُ، هاؤم، هاؤن » وهي لغةُ القرآن.
وإذا كانت فعلاً صريحاً؛ لاتصال الضمائر البارزة المرفوعة بها كان فيها ثلاثة لغاتٍ :
إحداها : أن يكون مثل « عَاطَى يُعَاطِي »، فيقال :« هاء يا زيدُ، هائِي يا هندُ، هائيَا يا زيدان أو يا هنداتُ، هاءوا يا زيدون، هائين يا هنداتُ ».
الثانية : أن تكون مثل :« هَبْ » فيقال :« هَأ، هِىء، هَاءَا، هِئُوا، هِئْنَ »، مثل :« هَبْ، هِبِي، هِبَا، هِبُوا، هِبْنَ ».
الثالثة : أن تكون مثل :« خَفْ » أمراً من الخوف، فيقال :« هَأْ، هَائِي، هَاءَا، هَاءُوا، هَأنَ »، مثل :« خَفْ، خَافِي، خَافَا، خَافُوا، خفْنَ ».
قوله :« كتابيه ». منصوب ب « هاؤم » عند الكوفيين، وعند البصريين ب « اقرأوا »؛ لأنه أقربُ العاملين، والأصل « كتابي » فأدخل « الهاء » لتبين فتحة « الياءِ » و « الهاء » في « كتابيه » و « حسابيه » و « سلطانيه » و « ماليه » للسكتِ، وكان حقُّها أن تحذف وصلاً وتثبت وقفاً، وإنما أجري الوصل مجرى الوقف، أو وصل بنية الوقف في « كتابيه » و « حسابيه » اتفاقاً، فأثبت « الهاء ».
وكذلك في « مَاليَه » و « سلطانيه » و ﴿ مَا هِيَهْ ﴾ [ القارعة : ١٠ ] في القارعة، عند القُرَّاء كلهم إلا حمزة، فإنه حذف الهاء من هذه الكلم الثلاث وصلاً، وأثبتها وقفاً؛ لأنها في الوقف يحتاج إليها؛ لتحصينِ حركةِ الموقوفِ عليه، وفي الوصل يستغنى عنها.
فإن قيل : فَلِمَ لم يفعل ذلك في « كتابيه » و « حسابيه »؟.
فالجواب : أنه جمع بين اللغتين، هذا في القراءات السبعِ.
وقرأ ابن محيصن : بحذفها في الكلم كلِّها وصلاً ووقفاً إلا في « القارعة »، فإنه لم يتحقق عنه فيها نقل.
وقرأ الأعمشُ، وابن أبي إسحاق : بحذفها فيهن وصلاً، وإثباتها وقفاً.
وابن محيصن : يسكنُ الهاء في الكلم المذكورة بغيرها.
والحق أنها قراءةٌ صحيحةٌ، أعني ثبوت هاء السكتِ وصلاً؛ لثبوتها في خط المصحف الكريم، ولا يلتفت إلى قول الزهراوي إن إثباتها في الوصل لحن لا أعلم أحداً يجيزه. وقد تقدم الكلام على هاء السكت في البقرة والأنعام.
قوله :﴿ إنِّي ظَنَنتُ ﴾.