قوله :﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ ﴾، هذه قراءةُ العامَّة، « تَفعَّل » من القول مبنيًّا للفاعل.
قال الزمخشريُّ :« التقوُّلُ، افتعالُ القولِ؛ لأن فيه تكلُّفاً من المفتعل ».
وقرأ بعضهم :« تُقُوِّلَ » مبنياً للمفعول.
فإن كان هذا القارىءُ رفع ب « بَعْضَ الأقاويل » فذاك، وإلا فالقائم مقام الفاعل الجار، وهذا عند من يرى قيام غير المفعول به مع وجوده.
وقرأ ذكوانُ وابنه محمد :« يَقُولُ » مضارع « قَالَ ».
و « الأقاويل » جمعُ :« أقوال »، و « أقوال » جمع :« قول »، فهو نظير :« أبَاييت » جمع :« أبياتٍ » جمع « بيتٍ ».
وقال الزمخشريُّ : وسمى الأقوال المنقولة أقاويل تصغيراً لها وتحقيراً، كقولك :« الأعاجيب » و « الأضاحيك »، كأنها جمع « أفعولة » من القول.
والمعنى : لو نسب إلينا قولاً لم نقله « لأخذْنَا مِنْهُ باليَميْنِ » أي : لأخذناه بالقوة، و « الباء » يجوز أن تكون على أصلها غير مزيدة، والمعنى لأخذناه بقوة منا ف « الباء » حالية، والحالُ من الفاعل، وتكون « من » في حكم الزائدةِ، واليمينُ هنا مجاز عن القوة والغلبة؛ لأن قوة كل شيء في ميامنه.
قال القتبي : وهو معنى قول ابن عباس ومجاهد.
ومنه قول الشماخ :[ الوافر ]
٤٨٥٤ - إذَا ما رايةٌ رُفِعتْ لمَجْدٍ | تلقَّاهَا عَرابَةُ باليَميْنِ |
ويجوز أن تكون الباءُ مزيدةً، والمعنى : لأخذنا يمينه، والمراد باليمين الجارحة كما يفعل بالمقتول صبراً يؤخذ بيمينه، ويضرب بالسَّيف، في جيده موجهة، وهو أشد عليه.
قال الحسن : لقطعْنَا يدهُ اليمنى.
وقال نفطويه : المعنى لقبضنا بيمينه عن التصرف.
وقال السدِّي ومقاتل : والمعنى : انتقمنا منه بالحقِّ؛ واليمين على هذا بمعنى الحق، كقوله تعالى :﴿ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ اليمين ﴾ [ الصافات : ٢٨ ] أي : من قبل الحق.
قوله :﴿ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين ﴾. وهو العِرْق المتصل من القلب بالرأس الذي إذا قُطعَ مات صاحبُه.
قاب أبو زيد : وجمعه الوُتْن، وثلاثة أوتِنَة، والموتُون الذي قُطِعَ وتينُه.
وقال الكلبي : هو عِرْق بين العلباء والحُلْقوم، وهما علباوان، وإن بينهما العِرْق.
والعِلْباء : عصب العنق.
وقيل : عرق غليظ تصادفه شفرة النَّاحر.
قال الشماخُ :[ الوافر ]
٤٨٥٥ - إذَا بلَّغَتنِي وحَملْتِ رحْلِي | عرَابَةُ فاشْرقِي بِدمِ الوتِينِ |
وقال محمدُ بن كعب : إنه القلبُ ومراقه، وما يليه.
وقال عكرمة : إنَّ الوتينَ إذا قُطعَ لا إن جَاعَ عرف ولا إن شَبعَ عرف.
قال ابن قتيبة : ولم يرد أنا نقطعه بعينه، بل المراد أنه لو كذب لأمتناه فكان كمن قُطِعَ وتينه.