ونظيرهُ قوله ﷺ :« مَا زَالَتْ أكْلَةُ خيْبَر تُعاودُنِي، فهذا أوَانُ انقِطَاعِ أبْهَرِي » « والأبَهَرُ » : عِرْقٌ متصل بالقلب فإذا انقطع مات صاحبُه، فكأنه قال : هذا أوانُ يقتلني السُّم، وحينئذ صرتُ كمن انقطع أبهره.
قوله :﴿ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾.
في « حاجزين » وجهان :
أحدهما : أنه نعت ل « أحد » على اللفظ، وإنما جمع المعنى، لأن « أحداً » يعُمُّ في سياق النفي كسائر النكراتِ الواقعة في سياق النَّفْي، قاله الزمخشري والحوفيُّ.
وعلى هذا فيكون « مِنْكُم » خبراً للمبتدأ، والمبتدأ في « أحد » زيدت فيه « مِنْ » لوجود شرطها.
وضعفه أبو حيَّان : بأن النفي يتسلَّط على كينونته « منكم »، والمعنى إنما هو على نفي الحجز عما يراد به.
والثاني : أن يكون خبراً ل « ما » الحجازية، و « من أحد » اسمها، وإنما جُمِع الخبرُ لما تقدم و « منكم » على هذا حالٌ، لأنه في الأصل صفة ل « أحد » أو يتعلق ب « حاجزين » ولا يضر ذلك لكون معمول الخبر جاراً، ولو كان مفعولاً صريحاً لامتنع، لا يجوز :« ما طعامك زيداً آكلاً »، أو متعلق بمحذوف على سبيل البيان، و « عنه » يتعلق ب « حاجزين » على القولين، والضمير للمقتول، أو للقتل المدلول عليه بقوله :« لأخذْنَا، لقطعنا ».
قال القرطبيُّ : المعنى فما منكم قوم يحجزون عنه لقوله تعالى ﴿ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ﴾ [ البقرة : ٢٨٥ ] هذا جمع لأن « بين » لا تقع إلا على اثنين فما زاد، قال ﷺ :« لَمْ تحلَّ الغَنائِمُ لأحدٍ سُودِ الرُّءوسِ قَبْلكُمْ ».
لفظه واحد، ومعناه الجمع، و « من » زائدة.
والحَجْز : المنع، و « حَاجزيْنَ » يجوز أن يكون صفة ل « أحد »، على المعنى كما تقدم، فيكون في موضع جر، والخبر « منكم »، ويجوز أن يكون منصوباً، على أنه خبر، و « منكم » ملغى، ويكون متعلقاً ب « حاجزين »، ولا يمنع الفصل به من انتصاب الخبر في هذا، كما لم يمتنع الفصل به في « إنَّ فيك زيداً راغبٌ ».
قوله :﴿ وَإِنَّهُ ﴾. يعني : القرآن ﴿ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾، أي : الخائفين الذين يخشون الله، ونظيره ﴿ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [ البقرة : ٢ ].
وقيل : المراد محيمد ﷺ أي : هو تذكرة ورحمة ونجاة.
﴿ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ ﴾.
قال الربيع : بالقرآن، ﴿ وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ ﴾ يعني : القرآن ﴿ عَلَى الكافرين ﴾ إمَّا يوم القيامة إذا رأوا ثواب المصدقين به، أو في الدنيا إذا رأوا دولة المؤمنين به، أو حين لم يقدروا على معارضته حين تحدَّاهم أن يأتوا بسورة مثله.