قوله :﴿ فاصبر صَبْراً جَمِيلاً ﴾ قال ابن الخطيب : هذا متعلق ب « سألَ سَائلٌ »؛ لأن استعجالهم بالعذاب كان على وجه الاستهزاءِ برسول الله ﷺ والتعنُّت فأمر بالصبر.
ومن قَرَأ :« سَالَ سَائِل »، وسيل فالمعنى جاء العذاب لقرب وقوعه فاصبر على أذى قومك، والصَّبرُ الجميلُ هو الذي لا جزع فيه، ولا شكوى لغير الله.
وقيل : أن يكون صاحب مصيبة في القوم لا يدرى من هو.
قال ابنُ زيدٍ والكلبيُّ : هذه الآيةُ منسوخة بالأمر بالقتال.
قوله :﴿ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً ﴾.
الضميرُ في « إنَّهُمْ » لأهل « مكة »، وفي « يَرونَهُم، ونَرَاه » لليوم إن أريد به يوم القيامة.
قال القرطبيُّ : أي : نعلمه؛ لأن الرؤية إنما تتعلقُ بالموجودِ، كقولك : الشافعي يرى في هذه المسألةِ كذا.
وقال الأعمشُ : يرون البَعْثَ بعيداً؛ لأنهم لا يؤمنون به، كأنهم يستبعدونه على جهة الإحالة كمن يقول لمن يناظره : هذا بعيدٌ لا يكون.
وقيل : الضمير يعودُ إلى العذاب بالنار، أي : غير كائن، « ونراه قريباً » لأن ما هو آت، فهو قريب.
قوله :﴿ يَوْمَ تَكُونُ ﴾، فيه أوجه :
أحدها : أنه متعلق ب « قريباً » وهذا إذا كان الضمير في « نراه » للعذاب ظاهراً.
الثاني : أنه يتعلق بمحذوف يدل عليه « واقع »، أي : يقع يوم يكون.
الثالث : أنه يتعلق بمحذوفٍ مقدر بعده، أي : يوم يكون كان وكيت وكيت.
الرابع : أنه بدل من الضمير في « نَرَاهُ » إذا كان عائداً على يومِ القيامةِ.
الخامس : أنَّه بدل عن « فِي يَوْمٍ »، فيمن علقه ب « واقع ». قاله الزمخشري.
وإنَّما قال : فيمن علقه « بِواقعٍ » لأنه إذا علق ب « تَعْرُجُ » في أحد الوجهين استحال أن يبدل عنه هذا لأن عروج الملائكة ليس هو في هذا اليوم الذي تكون السماء كالمُهْلِ، والجبال كالعِهْنِ، ويشغل كل حميمٍ عن حميمه.
قال أبو حيان :« ولا يجوز هذا » يعني : إبداله من « في يوم » قال : لأن « فِي يَوْمٍ » وإن كان في موضع نصبٍ لا يبدل منه منصوب؛ لأن مثل هذا ليس بزائد، ولا محكوم له بحكم الزائد، ك « رُّبَّ » وإنما يجوز مراعاة الموضع في حرف الجر الزائد؛ كقوله :[ الكامل ]
٤٨٥٩ - أبَنِي لُبَيْنَى لَسْتُمَا بِيدٍ | إلاَّ يَداً ليْسَتْ لَهَا عَضُدُ |