وبهذا المعنى فسر ما جاء في الصحيحين من حديث عائشةَ :« أنّ أم حبيبةَ وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بأرض الحبشة، تسمى مارية فيها تصاوير لرسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ :» إنَّ أولئِكَ كَانَ إذَا مَاتَ فيهِم الرَّجلُ الصَّالحُ، بَنَوا على قَبْرهِ مَسْجداً، ثُمَّ صوَّرُوا فِيْهِ تِلكَ الصُّورَ أولئك شِرارُ الخَلقِ عند اللَّهِ يَوْمَ القِيَامةِ «
وذكر الثعلبيُّ عن ابن عباس قال : هذه الأصنام أسماء رجال صالحين، من قوم نوح فلمَّا هلكوا أوحى الشيطانُ إلى قومهم أن ينصبوا في مجالسهم أنصاباً، ويسمونها بأسمائهم
وهذا بعيدٌ، لأن نوحاً - ﷺ - هو الآمرُ لهم بتركها وذلك يدل على أنَّهم كانوا قبل نوحٍ، حتى أرسلَ نوحٌ إليهم.
وروي عن ابن عباس : أنَّ نوحاً - ﷺ - كان يحرس جسد آدمَ - ﷺ - على جبل الهند فيمنع الكافرينَ أن يطوفوا بقبره، فقال لهم الشيطانُ : إن هؤلاء، يفخرون عليكم ويزعمون أنهم بنو آدم دونكم، وإنما هو جسد، وأنا أصوّر لكم مثله تطوفون به، فصوَّر لهم هذه الأصنام الخمسة، وحملهم على عبادتها، فلمَّا كان أيام الطوفانِ دفنها الطين، والتراب، والماء، فلم تزل مدفونة حتى أخرجها الشيطانُ لمشركي العرب وكانت للعربِ أصنام أخر، فاللات كانت لقديد، وأساف ونائلة وهبل، لأهل مكة.
قال الماورديُّ : فما » ود « فهو أول صنم معبود سمي » ودّاً « لودهم له، وكان بعد قوم نوح لكلب بدومةِ الجندلِ، على قول ابن عباس وعطاء ومقاتل؛ وفيه يقول شاعرهم :[ البسيط ]
وأما » سُواع « فكان لهذيل بساحل البحر في قولهم.٤٨٨٨ - حَيَّاكَ وُدٌّ فإنَّا لا يحلُّ لَنَا لَهْوُ النِّساءِ وإنَّ الدِّينَ قَدْ عَزَمَا
وقال ابن الخطيب :» وسُواع لهمدَان «.
وأما » يَغُوثُ « فكان لقطيف من مراد بالجوف من سبأ، في قول قتادة.
وقال المهدويُّ : لمراد ثم لغطفان.
وقال الثعلبيُّ : واتخذت - أعلى وأنعم - وهما من طيىء، وأهل جرش من مذحج يغوث، فذهبوا به إلى مراد، فعبدوه زماناً، ثُمَّ بَنِي ناجية، أرادوا نزعه من » أنعم « ففروا به إلى الحصين أخي بني الحارث بن كعب بن خزاعة. ؟
وقال أبو عثمان المهدويُّ : رأيت » يغُوث « وكان من رصاص، وكانوا يحملونه على جمل أجرد، ويسيرون معه ولا يهيجونه، حتى يبرك بنفسه، فإذا برك نزلوا، وقالوا : قد رضي لكم المنزل فيه فيضربون عليه بناء، وينزلون حوله.
وأما » يعوق « فكان لهمدان ببلخ، في قول عكرمة وقتادة وعطاء، ذكره الماورديُّ.
وقال الثعلبيُّ : وأما » يعوق « فكان لكهلان من سبأ، ثم توارثه بنوه الأكبر فالأكبر، حتى صار في الهمداني.
وفيه يقول غط الهمداني :[ الوافر ]