قوله تعالى :﴿ فَإِذَا انشقت السمآء ﴾ جوابه مقدر، أي : رأيت هولاً عظيماً، أو كان ما كان.
وقوله :« فَكَانَت ورْدَةً » أي : مثل وردة.
فقيل : هي الزهرة المعروفة التي تشمّ شبهها بها في الحمرة.
وأنشد قول الشاعر :[ الطويل ]
٤٦٤٥- فَلَوْ كُنْتُ وَرْداً لونُهُ لَعشِقْتَنِي | ولكِنَّ ربِّي شَانَنِي بِسَوَادِيَا |
وقرأ عمرو بن عبيد :« وَرْدَةٌ » بالرفع.
قال الزمخشري : فحصلت سماء وردة، وهو من الكلام الذي يسمى التَّجريد؛ كقوله :[ الكامل ]
٤٦٤٦- فَلَئِنْ بَقِيتُ لأرحلنَّ بِغَزْوَةٍ | تَحْوِي الغَنائمَ أو يَمُوتَ كَرِيمُ |
وفي « الدِّهَان » قولان :
أنه جمع « دُهْن » نحو : قُرْط وقِرَاط، ورُمْح ورِمَاح، وهو في معنى قوله تعالى :﴿ تَكُونُ السمآء كالمهل ﴾ [ المعارج : ٨ ] وهو : دردي الزيت.
والثاني : أنه اسم مفرد.
فقال الزمخشري :« اسم ما يدهن به كالحزام والإدام »؛ وأنشد :[ الطويل ]
٤٦٤٧- كأنَّهُمَا مَزادَتَا مُتَعَجِّلٍ | فريَّان لمَّا تُدهَنَا بدِهَانِ |
٤٦٤٨- وأجْرَدَ مِنْ كِرامِ النَّخْلِ طَرْفٍ | كأنَّ على شَواكِلِه دِهَانَا |
٤٦٤٩- تَبِعْنَ الدِّهَانَ الحُمْرَ كُلَّ عَشِيَّةٍ | بمَوْسمِ بَدْرٍ أو بِسُوقِ عُكَاظِ |
وقيل : شبهت بالدهان وهو الزيت لذوبها ودورانها.
وقيل : لبريقها.
فصل في معنى الآية
قال المفسرون : قوله تعالى :﴿ فَإِذَا انشقت السمآء ﴾ انصدعت يوم القيامة، ﴿ فَكَانَتْ وَرْدَةً كالدهان ﴾.
قال مجاهد والضحاك، وغيرهما :« الدهان » : الدهن، والمعنى : صارت في صفاء الدّهن، والدهان على هذا جمع دهن.
وقال سعيد بن جبير وقتادة : المعنى تصير في حُمْرة الورد، وجريان الدهن، أي : تذوب مع جريان الدهن حتى تصير حمراء من حرارة نار جهنم، وتصير مثل الدهن لرقّتها وذوبانها.
وقيل : الدهان : الجلد الأحمر الصرف. ذكره أبو عبيدة والفراء. أي : تصير السماء كالأديم لشدّة حر نار جهنم.
وعن ابن عباس : المعنى : فكانت كالفرس الورد في الربيع كميت أصفر، وفي الشتاء كميت أحمر، فإذا اشتد الشتاء كان كميتاً أغْبر.
وقال الفراء : أراد الفرس الوردة، تكون في الربيع وردة إلى الصُّفرة، فإذا اشتد البرد كانت وردة؛ فإذا كان بعد ذلك كانت وردةً إلى الغبرة، فشبه تلوّن السماء بتلوّن الورد من الخيل.
وقال الحسن :« كالدِّهان » أي : كصبّ الدهن، فإنك إذا صببته ترى فيه ألواناً.