وقال زيد بن أسلم : المعنى : أنها تصير كعكر الزيت.
وقيل : المعنى أنها تمر وتجيء.
قال الزجاج : أصل الواو والراء والدال للمجيء والإتيان.
وهذا قريب مما تقدم من أن الفرس الوردة تتغير ألوانها، والورد أيضاً : يطلق على الأسد.
وقال قتادة : إنها اليوم خضراء، وسيكون لها لون أحمر. حكاه الثعلبي.
قال المارودي : وزعم المتقدمون أن أصل لون السَّماء الحمرة، وأنها لكثرة الحوائل وبعد المسافة يرى لونها أزرق، وشبهوا ذلك بعروق البدن، وهي حمراء حمرة الدم، وترى بالحائل زرقاء، فإن كان هذا صحيحاً، فإنَّ السماء لقربها من النَّواظر يوم القيامة، وارتفاع الحواجز ترى حمراء؛ لأنها أصل لونها. والله أعلم.
قوله تعالى :﴿ فَيَوْمَئِذٍ ﴾ التنوين عوض من الجملة، أي : فيومئذ انشقَّت السَّماء، والفاء في « فيومئذٍ » جواب الشرط.
وقيل : هو محذوف، أي : فإذا انشقت السَّماء رأيت أمراً مهولاً ونحو ذلك.
والهاء في « ذنبه » تعود على أحد المذكورين، وضمير الآخر مقدر، أي : ولا يسأل عن ذنبه جانّ أيضاً؛ وناصب الظرف « لا يسأل » و « لا » غير مانعة.
وقد تقدم الخلاف فيها في الفاتحة وتقدمت قراءة « جأنٌّ » بالهمزة فيها أيضاً.

فصل في الكلام على هذه الآية


قال المفسرون : هذه الآية مثل قوله تعالى :﴿ وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ المجرمون ﴾ [ القصص : ٧٨ ].
وأن القيامة مواطن لطول ذلك اليوم، فيسأل في بعض، ولا يسأل في بعض. وهذا قول عكرمة.
وقيل : المعنى لا يسألون إذا استقرُّوا في النَّار. وقال الحسن وقتادة : لا يسألون عن ذنوبهم؛ لأن الله - تعالى - حفظها عليهم، وكتبتها الملائكة. رواه العوفي عن ابن عباس.
وعن الحسن ومجاهد أيضاً : لا تسأل الملائكة عنهم؛ لأنهم يعرفونهم بسيماهم.
دليله قوله تعالى :﴿ يُعْرَفُ المجرمون بِسِيمَاهُمْ ﴾، رواه مجاهد عنه أيضاً في قوله تعالى :﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [ الحجر : ٩٢ ]، وهو قوله تعالى :﴿ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ ﴾.
قال : لا يسألهم ليعرف ذلك منهم، ولكنهم يسألهم لم عملتموها؟ سؤال توبيخ.
وقال أبو العالية : لا يسأل غير المجرم عن ذنب المجرم.
وقال قتادة : يسألون قبل الختم على أفواههم، ثم يختم على أفواههم، وتتكلم جوارحهم شاهدة عليهم.
قوله تعالى :﴿ يُعْرَفُ المجرمون بِسِيمَاهُمْ ﴾.
قرأ حماد بن أبي سليمان :« بِسِيمائِهِمْ » بالمد.
قوله تعالى :﴿ فَيُؤْخَذُ بالنواصي ﴾ الآية.
« يُؤخذ » متعدّ، ومع ذلك تعدى بالباء؛ لأنه ضمن معنى « يسحب ». قاله أبو حيان.
و « يسحب » إنما يتعدى ب « على »، قال تعالى :﴿ يُسْحَبُونَ فِي النار على وُجُوهِهِمْ ﴾ [ القمر : ٤٨ ] فكان ينبغي أن يقول : ضمن معنى يتعدى « يدعون أو يدفعون ».
وقال مكّي :« إنما يقال : أخذت الناصية، وأخذت بالناصية، ولو قلت : أخذت الدَّابة بالناصية، لم يجز.
وحكي عن العرب : أخذت الخِطَام، وأخذت بالخِطَام.


الصفحة التالية
Icon