وقيل :« الطّمث » : دم الحيض ودم الجماع، فيكون أصله من الدم.
ومنه قيل للحائض : طامث، كأنه قيل : لم يدمهن بالجماع إنس قبلهم ولا جانّ.
وقيل الطمث : المسّ الخالص.
وقال الجحدري، وطلحة بن مصرف :« يطمثهن » بفتح الميم في الحرفين، وهو شاذ، إذ ليس عينه ولا لامه حرف حلق.
والضمير في « قبلهم » عائد على الأزواج الدال عليهم قوله :﴿ قَاصِرَاتُ الطرف ﴾، أو الدَّال عليه « متكئين ».
فصل في تحرير معنى الطمث
قال القرطبي :« لم يطمثهن » أي : لم يصبهن بالجماع قبل أزواجهن أحد.
قال الفراء : والطَّمْث : الافتضاض والنكاح بالتدمية، طَمَثَها يَطْمِثُها طَمْثاً إذا افتضها.
ومنه قيل : امرأة طامث أي : حائض.
وغير الفراء يخالفه في هذا ويقول : طمثها بمعنى وطىء على أيّ الوجوه كان، إلا أن الفراء أعرف وأشهر.
قال الفرزدق :[ الوافر ]
٤٦٥٩- وقَعْنَ إليَّ لَمْ يُطْمَثْنَ قَبْلِي | وهُنَّ أصحُّ مِنْ بَيْضِ النَّعَامِ |
وقرأ الحسن :« جأن » بالهمزة.
فصل في أن الجن يجامعون ويدخلون الجنة كالإنس
دلّت هذه الآية على أن الجن تغشى كالإنس، وتدخل الجنة، ويكون لهم فيها جنيّات.
قال ضَمْرَة : للمؤمنين منهم أزواج من الحُور، فالإنسيَّات للإنس، والجنّيات للجن.
وقيل : معناه : لم يطمث ما وهب الله للمؤمنين من الجنّ في الجنَّة من الحور العين من الإنسيّات إنس، وذلك لأن الجن لا تطأ بنات آدم في الدنيا. ذكره القشيري.
قال القرطبي : قد مضى القول في سورة « النمل » وفي « سبحان » وأنه جائز أن تطأ بنات بني آدم.
وقد قال مجاهد : إنه إذا جامع الرجل، ولم يسم انطوى الجانّ على إحليله فجامع معه، فذلك قوله :﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ ﴾ يعلمك أن نساء الدنيا لم يطمثهن الجان. والحور العين قد برئن من ذلك العيب.
قال مقاتل قوله :﴿ لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ﴾ ؛ لأنهن خلقن في الجنة، فعلى قوله يكونون من حور الجنة.
وقال الشعبي : من نساء الدنيا لم يَمْسَسْهن منذ أنشئن خلقٌ، وهو قول الكلبي، أي لم يجامعهن في الخلق الذي فيه إنس ولا جان.
قوله تعالى :﴿ كَأَنَّهُنَّ الياقوت والمرجان ﴾.
هذه الجملة يجوز أن تكون نعتاً ل « قَاصِرَات »، وأن تكون حالاً منها. ولم يذكر مكي غيره.
و « الياقُوت » : جوهر نفيس، يقال : إن النار لم تؤثر فيه.
ولذلك قال الحريري :[ البسيط ]