وقيل : أفردا بالذكر؛ لأن النخل ثمرة : فاكهة وطعام.
والرُّمان : فاكهة ودواء، فلم يخلصا للتفكّه.
ومنه قال أبو حنيفة رحمه الله : من حلف ألا يأكل فاكهة فأكل رماناً، أو رطباً لم يحنث.
فصل في مناسبة هذه الآية لما قبلها
قال ابن الخطيب : قوله :﴿ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ﴾ كقوله تعالى :﴿ فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ﴾ [ الرحمن : ٥٢ ] ؛ لأن الفاكهة أرضية وشجرية، والأرضية كالبطِّيخ وغيره من الأرضيات المزروعة، والشجرية كالنَّخْل والرمان وغيرهما من الشجريات، فقال :﴿ مُدْهَآمَّتَانِ ﴾ بأنواع الخضر التي منها الفواكه الأرضية والفواكه الشجرية، وذكر منها نوعين وهما الرمان والرطب؛ لأنهما متقابلان.
أحدهما : حلو، والآخر : حامض.
وأحدهما : حار، والآخر : بارد.
وأحدهما : فاكهة وغذاء، والآخر : فاكهة ودواء.
وأحدهما : من فواكه البلاد الباردة، والآخر : من فواكه البلاد الحارة.
وأحدهما : أشجار في غاية الطول والكبر، والآخر : أشجاره بالضّد.
وأحدهما : ما يؤكل منه بارز، وما لا يؤكل كامن، فهما كالضدين، والإشارة إلى الطرفين تتناول الإشارة إلى ما بينهما كقوله تعالى :﴿ رَبُّ المشرقين وَرَبُّ المغربين ﴾ [ الرحمن : ١٧ ].
فصل في الكلام على نخل ورمان الجنة
قال ابن عباس : الرمانة في الجنة ملء جلد البعير المُقَتَّب.
وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : نخل الجَنة : جذوعها زمرد أخضر، وكرمُها ذهب أحمر، وسعفُها كسوة لأهل الجنة، فيها ( مقطعاتهم ) وحللهم، وثمرها أمثال القلال والدِّلاء، أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزُّبد، ليس له عجم.
وفي رواية : كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى، وإن ماءها ليجري في غير أخدود، والعنقود : اثنا عشر ذراعاً.
قوله تعالى :﴿ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ﴾.
في « خيرات » وجهان :
أحدهما : أنه جمع « خَيْرة » من الخير، بزنة « فعْلة » - بسكون العين - يقال :« امرأة خَيْرة وأخرى شَرّة ».
والثاني : أنه جمع « خيرة » المخفف من « خَيِّرة »، ويدل على ذلك قراءة ابن مقسم والنهدي، وبكر بن حبيب :« خيّرات » بتشديد الياء.
قال القرطبي :« وهي قراءة قتادة، وابن السميفع، وأبي رجاء العطاردي ».
وقرأ أبو عمرو :« خَيَرَات » بفتح الياء، جمع « خَيَرة »، وهي شاذة؛ لأن العين معلة، إلا أن بني « هُذَيل » تعامله معاملة الصحيح، فيقولون :« حورات وبيضات ».
وأنشد :[ الطويل ]
٤٦٦١- أخُو بَيَضَاتٍ رَائِحٌ مُتَأوِّبٌ | رَفِيقٌ بِمَسْحِ المَنْكِبَيْنِ سَبُوحُ |