﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ﴾ [ الرحمن : ٥٤ ].
وقال هنا :﴿ مُتَّكِئِينَ على رَفْرَفٍ خُضْرٍ ﴾.
فالرفرف هو مستقر الولي على شيء إذا استوى عليه الوليّ رفرف به، أي طار به حيثما يريد كالمرجاح.
ويروى في حديث المعراج أن رسول الله ﷺ لما بلغ سدرة المنتهى، جاء الرفرف فتناوله من جبريل، وطار به إلى سند العرش، فذكر أنه طار بي يخفضني ويرفعني حتى وقف بي على ربّي، ثم لما كان الانصراف تناوله، فطار به خفضاً ورفعاً يهوي به حتى آواه إلى جبريل - عليه السلام -.
ف « الرفرف » : خادم من الخدم بين يدي الله - تعالى - له خواصّ الأمور في محل الدنو والقرب كما أن البراق دابة تركبها الأنبياء مخصوصة بذلك في أرضه، فهذا الرفرف الذي سخره لأهل الجنتين الدَّانيتين هو مُتَّكأهما وفرشهما، يرفرف بالولي على حافات تلك الأنهار وشطوطها حيث شاء إلى خيام أزواجه.
فصل في الكلام على قوله : خضر
قوله تعالى :« خُضْرٍ ». نعت هنا ب « خضر »؛ لأن اسم الجنس ينعت بالجمع كقوله :﴿ والنخل بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ ﴾ [ ق : ١٠ ] وحسن جمعه هنا جمع « حِسَان ».
وقرأ العامة :« رفرف » وقرأ عثمان بن عفان ونصر بن عاصم والجحدري والفرقبي وغيرهم :« رفَارِفَ خُضْرٍ » بالجمع وسكون الضاد.
وعنهم أيضاً « خُضُر » بضم الضاد، وهي إتباع للخاء.
وقيل : هي لغة في جمع « أفْعَل » الصفة.
قال القرطبي : وروى أبو بكر أن رسول الله ﷺ قرأ :﴿ متَّكئين على رفارف خضر وعباقر حسان ﴾. ذكره الثعلبي، وضم الضاد من « خُضُر » قليل.
وأنشد ل « طرفة » :[ الرمل ]
٤٦٦٥- أيُّهَا الفِتْيانُ في مَجْلِسنَا | جَرِّدُوا مِنهَا وِرَاداً وشُقُرْ |
٤٦٦٦- ومَا انتميْتُ إلى خُورٍ ولا كُشُفٍ | ولا لِئَامٍ غَداةَ الرَّوْعِ أوْزاعِ |
إذ لا مانع من تنوين ياء النَّسب، وكأن هذا القارىء توهم كونها في « مفاعل » تمنع من الصرف.
وقد روى عن النبي ﷺ « عباقريّ » منوناً ابن خالويه.
وروي عن عاصم :« رَفَارِف » بالصَّرف.
وقد يقال في من منع « عَبَاقِري » : إنه لما جاور « رَفارِف » الممتنع امتنع مشاكلة.
وفي من صرف « رَفارف » : إنه لما جاور « عباقِريًّا » المنصرف صرفه للتناسب، كقوله :﴿ سَلاَسِلاَ وَأَغْلاَلاً ﴾ [ الإنسان : ٤ ]. كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وقرأ أبو محمد المروزي وكان نحويًّا :« خُضَّار » ك « ضُرَّاب » بالتشديد، و « أفْعَل، وفُعَّال » لا يعرب.