فصل في الرد على من جوّز تأخير البيان عن وقت الخطاب
احتج من جوز تأخير البيان عن وقت الخطاب بهذه الآية.
وأجاب أبو الحسين عند بوجهين :
الأول : أن ظاهر الآية يقتضي وجوب تأخير البيان عن وقت الخطاب، وأنتم لا تقولون به.
الثاني : أن عندنا الواجب أن يقرن باللفظ إشعاراً بأنه ليس المراد في اللفظ ما يقتضيه ظاهره. فأما البيان التفصيلي فيجوز تأخيره فتحمل الآية على تأخير البيان التفصيلي.
وذكر القفال وجها ثالثاً، وهو قوله تعالى :﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ ثم إنا نخبرك بأن علينا بيانه فيحمل على الترتيب، ونظيره قوله تعالى :﴿ فَكُّ رَقَبَةٍ ﴾ [ البلد : ١٣ ] إلى قوله ﴿ ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين آمَنُواْ ﴾ [ البلد : ١٧ ].
قال ابن الخطيب : والجواب عن الأول : أن اللفظ لا يقتضي وجوب تأخير البيان، بل يقتضي تأخير وجوب البيان، فيكون الجواب بالمنع لأن وجوب البيان لا يتحقق إلا عند الحاجة، وعن الثاني : أنَّ كلمة « ثُمَّ » دخلت على مطلق البيان المجمل والمفصل، فالتخصيص بأحدهما تحكم بغير دليل.
وجواب القفال : بأنه ترك للظاهر بغير دليل.
فصل فيمن جوز الذنوب على الأنبياء
أورد من جوّز الذنوب على الأنبياء، بأن هذا الاستعجال إن كان بإذن، فكيف نهي عنه وإن كان بغير إذن فهو ذنب.
قال ابن الخطيب : والجواب : لعله كان مأذوناً فيه إلى وقت النهي.