قال القشيري : وهذا باطل؛ لأن واحد « الآلاء » يكتب بالألف لا بالياء.
وقرب الحصول معلوم بالعقل فبطل التأويل.
وأما قولهم : المراد ثواب ربها، فهو خلاف الظاهر، هذا ما ذكره ابن الخطيب.
وروى القرطبي في « تفسيره » قال : خرج « مسلم » عن جرير بن عبد الله قال :« كنا عند رسول الله ﷺ فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال ﷺ :» إنَّكُمْ سَتَروْنَ ربَّكمْ عياناً كمَا تَرونَ القَمَرَ لا تُضَامُونَ فِي رُؤيتِهِ، فإن اسْتَطَعْتُم ألاَّ تُغْلبُوا عَلى صلاةٍ قَبْلَ طُلوعِ الشَّمْسِ وصلاةٍ قَبْلَ غُروبِهَا فافْعَلُوا « ثُمَّ قَرَأ :﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ الغروب ﴾ [ ق : ٣٩ ] » متفق عليه.
وفي كتاب « النسائي » عن صهيب - رضي الله عنه - قال :« فيُكشَفُ الحِجابُ فيَنظُرونَ إليْهِ، فواللَّهِ ما أعْطَاهُمْ شَيْئاً أحبَّ إليْهِمْ من النَّظرِ، ولا أقَرَّ لأعْيُنِهِمْ ».
وروى أبو إسحاق الثعلبيُّ عن الزبير عن جابر قال : قال رسول الله ﷺ :« يتَجَلَّى ربُّنَا - سُبْحانَهُ وتَعَالَى - حتَّى يُنْظَرَ إلى وَجْههِ فيَخِرُّونَ لَهُ سُجَّداً، فيقُولُ اللَّه تعالى : ارفَعُوا رُءُوسكمْ فَليْسَ هذا بِيومِ عِبَادةٍ ».
وقال القرطبي : وقيل : أضاف النظر إلى العين؛ لأن العين في الوجه فهو كقوله تعالى :﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾ [ البقرة : ٢٥ ] والماء يجري في النهر لا النهر ثم قد يكون الوجه بمعنى العين، قال تعالى :﴿ فَأَلْقُوهُ على وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً ﴾ [ يوسف : ٩٣ ]، أي على عينيه، ثم لا يبعد قلب العادة غداً حتى يخلق النظر في الوجه وهو كقوله تعالى ﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً على وَجْهِهِ ﴾ [ الملك : ٢٢ ].
« فقيل : يا رسُول اللَّهِ، كيف يَمشُونَ في النَّار علَى وُجوهِهم؟ قال :» الَّذي أمْشاهُمْ عَلى أقدامهِم قَادِرٌ على أنْ يُمشِيهمْ على وُجوُهِهِم «.
قوله :﴿ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ﴾، أي : وجوه الكفار يوم القيامة شديدة كالحة.
والبَاسِر : الشديد العبوس، والباسل : أشد منه ولكنه غلب في الشجاع إذا اشتد كلوحة.
وفي » الصِّحاح « : وبسر الفحل الناقة وابتسرها : إذا ضربها، وبسر الرجل وجهه بسوراً أي : كلح، يقال :» عَبسَ وبَسَرَ «.
وقال السديُّ :» بَاسِرةٌ « متغيّرة، والمعنى : أنها عابسة كالحة قد أظلمت ألوانها.
قوله تعالى :﴿ تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ﴾.