السادس : بإضمار « يعطون ».
السابع : على الحال من الضمير في « مزاجها ». قاله مكي.
وقال القرطبي :« نصب بإضمار أعني ».
قوله :« يشرب بها ». في الباء أوجه :
أحدها : أنها مزيدة، أي : يشربها، ويدل له قراءة ابن أبي عبلة : يشربها معدى إلى الضمير بنفسه.
الثاني : أنها بمعنى « من ».
الثالث : أنها حالية، أي : يشرب ممزوجة بها.
الرابع : أنها متعلقة ب « يشرب » والضمير يعود على الكأس، أي : يشربون العين بذلك الكأس، والباء للإلصاق كما تقدم في قول الزمخشري.
الخامس : أنه على تضمين « يشربون » معنى يلتذّون بها شاربين.
السادس : على تضمينه معنى يروى، أي : يروى بها عباد الله، وكهذه الآية الكريمة في بعض الأوجه قول الهذلي :[ الطويل ]
٥٠٣٣- شَرِبْنَ بِمَاءِ البَحْرِ ثُمَّ تَرفَّعَتْ | مَتَى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَئِيجُ |
وقال الفراء :« يشربها ويشرب بها سواء في المعنى، وكأن يشرب بها : يروى بها وينفع بها، وأما يشربونها فبيِّن، وأنشد قول الهذلي، قال : ومثله : يتكلم بكلام حسن، ويتكلم كلاماً حسناً ».
والجملة من قوله « يشرب بها » في محل نصب صفة ل « عيناً » إن جعلنا الضمير في « بها » عائداً على « عيناً » ولم نجعله مفسراً لناصب كما قاله أبو البقاء، و « يفجرونها » في موضع الحال.
فصل في المراد بعباد الله هاهنا
قال ابن الخطيب : قوله :﴿ يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ الله ﴾ يفيد أن كل عباد الله يشربون منها، والكفار بالاتفاق لا يشربون على أن لفظ عباد الله مختص بأهل الإيمان، وإذا ثبت هذا فقوله تعالى :﴿ وَلاَ يرضى لِعِبَادِهِ الكفر ﴾ [ الزمر : ٧ ] لا يتناول الكفار، بل يختص بالمؤمنين، فيصير تقدير الآية : لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر، ولا تدل الآية على أنه - تعالى - لا يريد الكفر للكفار.
قوله :﴿ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً ﴾. أي : يشققونها شقًّا كما يفجر الرجل النَّهر هاهنا وهاهنا إلى حيث شاءوا، ويتبعهم حيث مالوا مالت معهم.
روى القرطبي عن الحسن - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ﷺ :« أرْبع عُيونٍ في الجَنَّةِ اثْنان يَجْرِيَانِ مِنْ تَحْتِ العَرْشِ؛ إحداهما الَّتِي ذَكَرَ اللهُ تعالى يُفجِّرونها تفجيراً وعينان يجريان من فَوْقِ العرشِ نضَّاختان : إحداهُما الَّتي ذكر اللهُ تعالى سبيلاً، والأُخرى : التَّسْنِيمُ » ذكره الحكيم الترمذي في « نوادر الأصول ».
وقال : فالتَّسْنيم للمقربين خاصة، شراباً لهم، والكافور للأبرار شراباً لهم، يمزج للأبرار من التسنيم شرابهم، وأما الزَّنجبيل والسَّلسبيل فللأبرار [ منها مزاج هكذا ذكره في التنزيل وسكت عن ذكر ذلك لمن هي شرب فما كان للأبرار مزاج ] للمقربين صرف، وما كان للأبرار صرف فهو لسائر أهل الجنة مزاج، والأبرار هم الصادقون والمقربون : هم الصديقون.