قال الزمخشري : اشتقاقه من القطر، وجعلت الميم زائدة؛ قال أسد بن ناعصة :[ الخفيف ]
٥٠٣٥- واصْطَليْتَ الحُروبَ فِي كُلِّ يومٍ... بَاسلَ الشَّرِّ قَمْطَريرَ الصَّباحِ
قال أبو حيان : واختلف النحاة في هذا الوزن، والأكثر على أنه لا يثبت « افْمَعَلَّ » في أوزان الأفعال ويقال : اقمطرَّ يقمطرُّ فهو مقمطرّ؛ قال الشاعر :[ الرجز ]
٥٠٣٦- قَدْ جَعلَتْ شَبْوَةُ تَزبَئِرُّ... تَكْسُو استهَا لَحْماً وتقْمَطِرُّ
ويوم قَمْطَرير وقُمَاطر : بمعنى شديد؛ قال الشَّاعرُ :[ الطويل ]
٥٠٣٧- فَفِرُّوا إذَا مَا الحَرْبُ ثَار غُبَارُهَا... ولَجَّ بِها اليَوْمَ العَبُوسُ القُمَاطِرُ
وقال الزجاج : القَمْطَرير : الذي يعبسُ حتى يجتمع ما بين عينيه. انتهى.
فعلى هذا استعماله في اليوم مجاز، وفي بعض كلام الزمخشري، أنه جعله من « القمط » فعلى هذا تكون الرَّاءان فيه مزيدتين.
وقال القرطبي :« القمطرير : الطَّويل »؛ قال الشاعر :
٥٠٣٨- شَدِيداً عَبُوساً قَمْطَريراً... تقول العرب : يوم قمطرير، وقُماطر، وعصيب بمعنى؛ وأنشد الفراء :[ الطويل ]
٥٠٣٩- بَنِي عَمَِّنَا هل تَذْكُرونَ بَلاءنَا... عَليْكُمْ إذا مَا كَانَ يومٌ قُماطِرُ
بضم القاف، واقمطرّ : إذا اشتد، وقال الأخفش : القمطرير : أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء؛ وأنشد :[ الطويل ]
٥٠٤٠- فَفِرُّوا إذَا ما الحَرْبُ... البيت المتقدم.
وقال الكسائي : يقال : اقمطرَّ اليوم وازمهرَّ اقمطراراً وازمهراراً، وهو القمطريرُ والزمهريرُ، ويوم مقمطرٌّ، إذا كان صعباً شديداً؛ قال الهذليُّ :[ الطويل ]
٥٠٤١- بَنُو الحَرْبِ ارضْعنَا لَهُم مُقمطرَّةً... ومَنْ يُلقَ مِنَّا ذلِكَ اليَوْمَ يهْربِ
و « العبوس » أيضاً صفة ل « اليوم »، « يوماً » تعبس فيه الوجوه من هوله وشدته، والمعنى : نخاف يوماً ذا عبوس.
وقال ابن عباس : يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل منه عرقٌ كالقطران.
وقال مجاهد : إن العبوس بالشَّفتين، والقَمْطرير بالجبهةِ والحاجبينِ فجعلهما من صفات الوجه المتغيّر من شدائد ذلك اليوم.
قوله :﴿ فَوَقَاهُمُ الله شَرَّ ذَلِكَ اليوم ﴾. أي : دفع عنهم بأس ذلك اليوم وشدته وعذابه.
وقرأ أبو جعفر :« فوقَّاهم الله » بتشديد القاف على المبالغة.
واعلم أنه - تعالى - لما حكى عنهم أنهم أتوا بالطاعات لغرضين : لأجل رضا الله تعالى والخوف من القيامة، بيّن هنا أنه أعطاهم هذين الغرضين وهو أنه حفظهم من أهوال القيامة، وهو قوله جل ثنائه ﴿ فَوَقَاهُمُ الله شَرَّ ذَلِكَ اليوم ﴾ وأما طلبهم رضا الله فاعطاهم الله بسببه « نُضْرةً » في الوجه، أي : حسناً، حين رأوه، « وسروراً » في القلب قال الضحاك : النضرة : البياض والنقاء.
وقال ابن جبير : الحسن والبهاء.
وقال ابن زيد : أثر النعمة.
قوله تعالى :﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ ﴾. « ما » مصدرية، و « جنَّة » مفعول ثانٍ، أي : جزاهم جنة بصبرهم وقدر مكي مضافاً، فقال : تقديره دخول الجنة، ولبس حرير، والمعنى : وجزاهم بصبرهم على الفقر.
وقال القرظي : على الصوم.
وقال عطاء : على الجوع ثلاثة أيام، وهي أيام نذر.


الصفحة التالية
Icon