وقيل : الأرائك : الفرش على السرر؛ قال ذو الرمة :[ الطويل ]
٥٠٤٣- خُدودٌ جَفتْ في السَّيْرِ حتَّى كأنَّمَا | يُبَاشِرْنَ بالمَعْزَاءِ مسَّ الأرَائِكِ |
قوله :﴿ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً ﴾. فيها أوجه :
أحدها : أنها حال ثانية من مفعول « جزاءهم ».
الثاني : أنها حال من الضمير المرفوع المستكن في « متَّكئينَ » فتكون حالاً متداخلة.
الثالث : أن تكون صفة ل « جنة » ك « متكئين » عند من يرى ذلك - كما تقدم - عن الزمخشري.
والزمهرير : أشد البرد، وهذا هو المعروف؛ وقيل : هو القمرُ بلغة طيّيء، وأنشد :[ الرجز ]
٥٠٤٤- فِي لَيْلةٍ ظلامُهَا قد اعْتكَرْ | قطَّعتُهَا والزَّمهرِيرُ مَا نَهَرْ |
قال رسول الله ﷺ « اشْتَكَتِ النَّارُ إلى ربِّهَا سُبحانَهُ، قالتْ : يَا ربِّ، أكَلَ بَعْضِي بعْضاً، فجعلَ لَهَا نفسينِ : نفساً في الشِّتاء، ونفساً في الصَّيْف فشِدَّةُ ما تَجِدُونَ من البَرْدِ من زَمْهَرِيرِهَا، وشدَّةِ ما تَجِدُونَ من الحرَِّ في الصَّيْفِ من سَمُومِهَا ».
قال مرة الهمداني : الزمهرير : البرد القاطع.
وقال مقاتل بن حيان : هو شيء مثل رؤوس الإبر ينزل من السماء في غاية البرد.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : هو لونٌ من العذاب، وهو البرد الشديد، حتى إن أهل النار أذا ألقوا فيه سألوا الله أن يعذبهم في النار ألف سنة أهون عليهم من عذاب الزمهرير يوماً واحد.
قوله :﴿ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ﴾ العامة على نصبها، وفيها أوجه :
أحدها : أنها عطف على محل « لا يرون ».
الثاني : أنها معطوفة على « مُتَّكِئينَ » فيكون فيها ما فيها.
قال الزمخشري :« فإن قلت :» ودانية عليها ظلالها « علام عطفت؟.
قلت : على الجملة التي قبلها؛ لأنها في موضع الحال من المجزيين، وهذه حال مثلها عنهم لرجوع الضمير منها إليهم في » عليهم «، إلاَّ أنها اسم مفرد، وتلك جماعة في حكم مفرد، تقديره : غير رائين فيها شمساً، ولا زمهريراً ودانية عليهم ظلالها، ودخلت الواو للدلالة على أن الأمرين مجتمعان لهم، كأنه قيل : وجزاهم جنة جامعين فيها بين البعد عن الحر والقمر ودنو الظلال عليهم ».
الثالث : أنها صفة لمحذوف، أي : وجنة دانية.
قال أبو البقاء : كأنه قيل :« وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً » أي : أخرى دانية عليهم ظلالها، لأنهم قد وعدوا جنتين، لأنهم خافوا مقام ربهم بقولهم :« إنَّا نخَافُ مِن ربِّنا يَوماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً ».