قال شهاب الدين : لا يلزمه أن يذكر إلاَّ محل الوفاق، بل هذان اللذان ذكرهما مذهب جماهير الناس.
فصل في معنى الآية
المعنى : إنَّما أنت مُخوِّف، وخص الإنذار بمن يخشى؛ لأنهم المنتفعون به، وإن كان منذراً لكلِّ مكلَّف، كقوله :﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتبع الذكر وَخشِيَ الرحمن بالغيب ﴾ [ يس : ١١ ].
قوله تعالى :﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا ﴾ يعني : الكُفَّار، يرون الساعة.
﴿ لَمْ يلبثوا ﴾ في دنياهم، ﴿ إِلاَّ عَشِيَّةً ﴾ أي : قدر عشيَّةٍ، ﴿ أَوْ ضُحَاهَا ﴾ أي : أو قدْرَ الضُّحى الذي يلي تلك العَشيَّة، والمراد : تقليل مدة الدنيا، كقوله تعالى :﴿ لَمْ يلبثوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ ﴾ [ الأحقاف : ٣٥ ]. وأضاف الضحى إلى العشية إضافة الظرف إلى ضمير الظرف الآخر تجوُّزاً واتِّساعاً. وذكرهما؛ لأنَّهما طرفا النهار، وحسَّن هذه الإضافة وقوع الكلمة فاصلة.
قإن قيل : قوله تعالى :﴿ أَوْ ضُحَاهَا ﴾ معناه : ضُحَى العشيَّة، وهذا غيرر معقولٍ؛ لأنَّه ليس للعشيَّة ضُحى؟.
فالجواب : قال ابن عباس رضي الله عنهما : الهاء والألف صلة للكلام، يريد : لم يلبثوا إلا عشية أو ضحى.
وقال الفرَّاء والزجاجُ : المرادُ بإضافة الضُّحى إلى العشية على عادة العرب، يقولون : آتيك الغداة أو عشيها، وآتيك العشية أوغداتها، فتكون العشية في معنى : آخر النهار، والغداة في معنى : أول النهار؛ وأنشد بعض بني عقيل :[ الرجز ]
٥١٠٧أ- نَحْنُ صَبَحْنَا عَامراً في دَارِهَا | جُرْداً تَعَادَى طَرفَيْ نَهارِهَا |
عَشِيَّةَ الهِلالِ أو سِرَارِهَا | وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. |