٥١٤٤- مَلِكٌ أغَرُّ مِن المُلُوكِ تَحلَّبَتْ | للسَّائلينَ يَداهُ غَيْرُ مُشفِّقِ |
٥١٤٥- إنَّ لَنَا قَلائصاً حقَائِقَا | مُستوسِقَاتٍ لوْ يَجِدْنَ سَائِقَا |
٥١٤٦- ويَوْماً تَرَانَا صَالحينَ وتَارَةً | تَقُومُ بِنَا كالواسِقِ المُتلبِّبِ |
فصل في معنى الآية
قال عكرمة - رضي الله عنه - :« ومَا وسقَ »، أي : وما ساق من شيء إلى حيث يأوي فالوسقُ، بمعنى الطرد، ومنه قيل للطَّريد من الإبل والغنم : وسيقه.
وعن ابن عباس - رضي الله عنه - :« وما وسق » أي : وما جنَّ وستر.
وعنه أيضاً : وما حمل، ووسَقَتِ الناقة تَسِقُ وسْقاً : أي : حملت وأغلقت رحمها على الماء فهي ناقة واسق، ونوق وساق، مثل : نائم ونيام، وصاحب وصحاب، ومواسيق أيضاً، وأوسقتُ البعير : حملته حمله، وأوسقت النخلة : كثر حملها.
وقال يمانٌ والضحاك ومقاتلُ بن سليمان : حمل من الظلمة.
وقال مقاتلٌ : حمل من الكواكب.
وقال ابنُ جبيرٍ :« وما وسق » أي : وما حمل فيه من التهجد والاستغفار بالأسحار.
قوله :﴿ والقمر إِذَا اتسق ﴾. أي : امتلأ. قال الفراء : وهو امتلاؤه واستواؤه ليالي البدر. وهو « افتعل » من « الوسق » وهو الضم والجمع كما تقدم، وأمر فلان متسقٌّ : أي : مجتمع على الصلاح منتظم، ويقال : اتسق الشيء إذا تتابع.
وعن ابن عباس - رضي الله عنه - « إذا اتَّسَقَ » أي : استوى واجتمع وتكامل وتمَّ واستدار.
قوله :﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ ﴾ هذا جواب القسم.
وقرأ الأخوان، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن مسعود، وابن عباس، وأبو العالية، ومسروق، وأبو وائل، ومجاهدٌ والنخعيُّ، والشعبيُّ، وابن جبيرٍ : بفتح الباء على الخطاب للواحد.
والباقون : بضمها على خطاب الجمع.
فالقراءة الأولى : رُوعي فيها إمَّا خطاب الإنسان المتقدم ذكره في قوله تعالى :﴿ ياأيها الإنسان ﴾ [ الانشقاق : ٦ ]، وإما خطاب غيره.
فقيل : خطابٌ للرسول - ﷺ - أي : لتركبن يا محمد مع الكفار وجهادهم، أو لتبدلن أنصاراً مسلمين، من قولهم : النَّاس طبقات ولتركبن سماء [ بعد سماء ]، ودرجة بعد درجة، ورتبة بعد رتبة في القرب من الله تعالى.
وقيل : التاء للتأنيث، والفعل مسندٌ لضمير السماء.
قال ابن مسعود : لتركبن السماء حالاً بعد حالٍ تكون كالمهل وكالدخان، وتنفطر وتنشق.
والقراءة الثانية : رُوي فيها معنى الإنسان؛ إذ المراد به : الجنس، أي : لتركبنَّ أيُّها الإنسان حالاً بعد حال من كونه نطفة، ثم مضغة، ثم حياً، ثم ميتاً وغنياً وفقيراً.