قال ابن عباسٍ : هو المتودّد لعباده المؤمنين بالمغفرة.
وعن المبرد، هو الذي لا ولد له، وأنشد :[ المتقارب ]
٥١٥٧- وأركَبُ في الرَّوعِ عُريانَةً | ذَلُولَ الجَناحِ لَقَاحاً ودُودَا |
وقيل : هو « فعول » بمعنى :« مفعول »، كالرَّكُوب والحلُوب أي : يوده عباده الصالحون.
قوله :﴿ ذُو العرش المجيد ﴾ قرأ الكوفيون إلاَّ عاصماً :« المجيد » بالجر.
فقيل : نعت للعرش.
وقيل : ل « ربك » في قوله :﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾، قاله مكيٌّ. وقيل : لا يجوز أن يكون نعتاً للعرش؛ لأنه من صفات الله تعالى.
وقرأ الباقون : بالرفع، على أنه خبر بعد خبر.
وقيل : هو نعت ل « ذو »، واستدلَّ بعضهم على تعدد الخبر بهذه الآية، ومن منع قال : لأنها في معنى واحد، أي : جامع بين هذه الأوصاف الشريفة، أو كل منها خبر لمبتدأ مضمر.
والمجيد : هو النهاية في الكرم والفضل، والله - تبارك وتعالى - هو المنعوت بذلك، وإن كان قد وصف عرشه بالكريم في آخر المؤمنين.
ومعنى « ذو العرش » أي : ذو الملك والسلطان، كما يقال : فلان على سرير ملكه وإن لم يكن على سرير، ويقال : بلي عرشه، أي : ذهب سلطانه.
قوله :﴿ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ﴾ أي : لا يمتنع عليه شيء يريده.
قال الزمخشريُّ :« فعالٌ » خبر مبتدأ محذوف، وإنما قيل :« فعال »؛ لأن ما يريد ويفعل في غاية الكثرة.
وقال الفراء : هو رفع على التكرير والاستئناف؛ لأنه نكرة محضة على وجه الإتباع لإعراب الغفور الودود.
وعن أبي السفر قال : دخل ناس من أصحاب النبي ﷺ على أبي بكر - رضي الله عنه - يعودونه، فقالوا : ألا نأتيك بطبيبٍ؟ قال رضي الله عنه : قد رآنِي، قالوا : فَمَا قَال لَك؟ قال : قال : إنِّي فعَّالٌ لما أريدُ.
فصل في أن الآية دلت على خلق الأفعال
دلَّت هذه الآية على خلق الأفعال؛ لأنه تعالى يريد الإيمان، فوجب أن يكون فاعلاً للإيمان، وإذا كان فاعلاً للإيمان وجب أن يكون فاعلاً للكفر ضرورة؛ لأنه لا قائل بالفرق.
فصل في تفسير الآية
قال القفال :« فعَّالٌ لما يُرِيدُ » أي : يفعل ما يريد على ما يراه، لا يعترض عليه ولا يغلبه غالب، فيدخل أولياءه الجنة، لا يمنعه مانع، ويدخل أعداءه النار، لا ينصرهم منه ناصر، ويمهمل العصاة على ما يشاء إلى أن يجازيهم، ويعاجل بعضهم بالعقوبة إذا شاء، فهو يفعل ما يريد.