وقال الربيعُ والحسنُ : من كان عمله زاكياً نامياً وهو قول الزجاج.
وقال قتادةُ :« تزكَّى »، أي : عمل صالحاً.
وعن عطاءٍ، وأبي العالية : نزلت في صدقة الفطر.
قال ابن سيرين :﴿ قد أفلح من تزكَّى، وذكر اسم ربه فصلَّى ﴾ قال : خرج فصلَّى بعد ما أدى.
والأول أظهر؛ لأن اللفظ المعتاد أن « يقال » في المال : زكَّى، ولا يقال : تزكَّى، قال تعالى :﴿ وَمَن تزكى فَإِنَّمَا يتزكى لِنَفْسِهِ ﴾ [ فاطر : ١٨ ].
وقال أبو الأحوصِ وعطاءٌ : المراد بالآية؛ زكاة الأموال كلها.
قال بعضهم : لا أدري ما وجه هذا التأويل؛ لأن هذه السورة مكية، ولم يكن ب « مكة » عيد، ولا زكاة فطر.
قال البغويُّ : يجوز أن يكون النزول سابقاً على الحكم، كقوله تعالى :﴿ وَأَنتَ حِلٌّ بهذا البلد ﴾ [ البلد : ٢ ]، والسورة مكية، وظهر أثر الحل يوم الفتح، قال ﷺ :« أحِلَّتْ لِي ساعةً مِنْ نَهارٍ ».
وقيل : هذا في زكاة الأعمال، لا زكاة الأموال، أي : زكى أعماله من الرياء [ والتقصير ] وروى جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : قال النبي ﷺ :« قَدْ افْلحَ مَنْ تَزَكَّى؛ أي : شهد أن لا إله إلا الله، وخلع الأنداد، وشهد أنِّي رسُول اللهِ » وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وروى عطاءٌ عن ابن عباسٍ، قال : نزلت في عثمان - رضي الله عنه - قال : كان ب « المدينة » منافق كانت له نخلة ب « المدينة »، مائلة في دار رجل من الأنصار، إذا هبت الرياح أسقطت البُسْر والرطب في دار الأنصاري، فيأكل هو وعياله، فخاصمه المنافق، فشكاه الأنصاري إلى رسول الله ﷺ فأرسل إلى المنافق، وهو لا يعلم بنفاقه، فقال : إنَّ أخاك الأنصاريَّ ذكر أنَّ بُسركَ ورُطبَكَ يقعُ إلى منزله، فيَأكلُ هُوَ وعِيالهُ، فهل لَكَ أنْ أعْطيكَ نَخْلَةً في الجنَّة بدلها؟ فقال : أبيع عاجلاً بآجلٍ؟ لا أفعلُ، فذكروا أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أعطاه حائطاً من نخل بدل نخلته، ففيه نزلت :﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى ﴾، ونزلت في المنافق :﴿ وَيَتَجَنَّبُهَا الأشقى ﴾.
وقال الضحاكُ : نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
قوله :﴿ وَذَكَرَ اسم رَبِّهِ فصلى ﴾.
قال ابن عباس والضحاكُ : وذكر اسم ربه في طريق المصلى، فصلى صلاة العيد.
قال القرطبيُّ :« والسورة مكية في قول الجمهور، ولم يكن ب » مكة « عيد ».
قل القشيريُّ : ولا يبعد أن يكون أنثى على من يمتثل أمره في صدقة الفطر، وصلاة العيد فيما يأمر به في المستقبل.
قوله :﴿ وَذَكَرَ اسم رَبِّهِ ﴾، أي : وذكر ربه.
وعن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما : معناه ذكر معاده وموقفه بين يدي الله تعالى، فعبده وصلى له.
وقيل : ذكر اسم ربه : التكبير في أوَّل الصلاة؛ لأنها لا تنعقد إلا بذكره، وهو قوله :« اللهُ أكبر »، وبه يحتجُّ على وجوب تكبيرة الإحرام وعلى أنَّها ليست من الصلاة؛ لأنَّ الصلاة معطوفة عليها، وفيه حُجَّةٌ لمن قال : الافتتاح جائز بكل اسم من أسماء الله تعالى.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - :« هذا في الصلوات المفروضة ».
روى عبد الله رضي الله عنه :« من أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فلا صلاة له ».