فالجواب : قال الزمخشريُّ : من فسَّر الإبل بالسحاب، فالمناسبة ظاهرة، وذلك تشبيه ومجاز، ومن حملها على الإبل، فالمناسبة بينها وبين السماء والأرض والجبال من وجهين :
الأول : أن القرآن نزل على العرب، وكانوا يسافرون كثيراً، وكانوا يسيرون عليها في المهامه والقفار، مستوحشين، منفردين عن الناس، والإنسان إذا انفرد أقبل على التفكُّر في الأشياء؛ لأنه ليس معه من يحادثه، وليس هناك من يشغل به سمعه وبصره، فلا بد من أن يجعل دأبه الفكر، فإذا فكر في تلك الحال، فأوَّل ما يقع بصره على الجمل الذي هو راكبه، فيرى منظراً عجيباً، وإن نظر إلى فوق لم ير غير السماء، وإذا نظر يميناً وشمالاً لم ير غير الجبال، وإذا نظر إلى تحت لم ير غير الأرض، فكأنه تعالى أمره بالنظر وقت الخلودِ والانفراد، حتى لا تحمله داعية الكبر والحسد على ترك النَّظر.
الثاني : أن جميع المخلوقات دالة على الصانع - جلت قدرته - إلا انها قسمان : منها ما للشهوة فيه حظّ كالوجه الحسن، والبساتين للنُّزهة، والذهب والفضة، ونحوها، فهذه مع دلالتها على الصَّانع، قد يمنع استحسانها عن إكمال النظر فيها.
ومنها ما لا حظّ فيه للشهوة كهذه الأشياء، فأمر بالنظر فيها، إذ لا مانع من إكمال النظر.