قوله :﴿ فَذَكِّرْ ﴾ أي : عظهم يا محمد وخوفهم.
﴿ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ ﴾ : واعظ.
﴿ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ ﴾ أي بمسلّط فتقتلهم، ثم نسختها آية السيف.
وقرأ العامة :« بمصيطر » بالصَّاد.
وهشام : بالسِّين.
وخلف : بإشمام الصاد زاياً بلا خلاف.
وعن خلاَّد : وجهان.
وقرأ هارون الأعور :« بمصيطر » - بفتح الطاء - اسم مفعول، لأن « سيطر » عندهم متعدٍّ.
[ ويدل على ذلك فعل المطاوعة، وهو تسيطر، ولم يجيء اسم على مفعل إلا مسيطر، ومبيقر، ومهيمن، ومبيطر؛ من سيطر، وهيمن، وبيطر، وقد جاء مجيمر اسم وادٍ، ومديبر، ويمكن أن يكون أصلهما مجمر ومدبر، فصغراً.
قال شهاب الدين : قد تقدم أن بعضهم جعل مهيمناً مصغراً، وتقدم أنه خطأ عظيم، وذلك في سورة المائدة ].
قال القرطبيُّ :« وفي الصحاح : المسيطر والمصيطر : المسلط على الشيء، ليشرف عليه ويتعهَّد أحواله، ويكتب عمله، وأصله من السطر؛ لأن معنى السطر ألاَّ يتجاوز، فالكتاب مسطر، والذي يفعله مسطر ومسيطر، يقال : سيطرت علينا، وقال تعالى :﴿ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ ﴾، وسطره أي : صرعه ».
قوله ﴿ إِلاَّ مَن تولى وَكَفَرَ ﴾ استثناء منقطع، أي : لكن من تولّى عن الوعظ والتذكر، فيعذبه الله العذاب الأكبر، وهو جهنم الدائم عذابها، وإنما قال :« الأكبر »؛ لأنهم عذّبوا في الدنيا بالجوع، والقَحْط، والأسْر، والقَتْل، ويؤيد هذا التأويل : قراءة ابن مسعود :« إلا مَنْ تَوَلَّى وكَفَر فإنَّه يُعَذِّبُهُ الله ».
وقيل : هو استثناء متصل، والمعنى : لست مسلَّطاً إلى على من تولى وكفر، فأنت مسلَّط عيله بالجهاد، والله - تعالى - يعذبه ذلك العذاب الأكبر، فلا نسخ في الآية على هذا التقدير.
وقرأ ابنُ عبَّاسٍ وزيد بن عليٍّ، وزَيْدُ بنُ أسلمَ، وقتادةُ :« ألا » حرف استفتاح وتنبيه؛ كقول امرئ القيس :[ الطويل ]

٥١٨٧- الاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ .................................
و « مَنْ » على هذا شرط، فالجملة مقدرة شرطية، والجواب :« فيعذبه الله »، والمبتدأ بعد الفاء مضمر، والتقدير : فهو يعذبه الله؛ لأنه لو أريد الجواب بالفعل الذي بعد الفاء لكان :« إلا من تولى وكفر يعذبه الله ».
[ قال شهال الدين : أو موصول مضمن معناه ].


الصفحة التالية
Icon