قوله :﴿ إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ ﴾، أي : رجوعهم بعد الموت : والعامة : على تخفيف الياء، مصدر : آب، يئوب، إياباً، أي : رجع، كقام يقوم قياماً؛ قال عبيدٌ :[ مخلع البسيط ]

٥١٨٨- وكُلُّ ذِي غِيْبَةٍ يَئُوبُ وغَائِبُ المَوْتِ لا يَئُوبُ
وقرأ أبو جعفر وشيبة بتشديدها.
قال أبو حاتمٍ : لا يجوز التشديد، ولو جاز جاز مثله في الصيام والقيام.
وقيل : لغتان بمعنى.
قال شهابُ الدين : وقد اضطربت فيها أقوال التصريفيّين.
فقيل : هو مصدر ل « أيَّبَ » على وزن « فَيْعَل » ك « بَيْطَر » يقال منه :« أيَّبَ يُؤيبُ إيَّاباً » والأصل : أيْوبَ يُؤيوبٌ إيواباً ك « بَيْطَرَ يُبَيْطِرُ »، فاجتمعت الواو والياء في جميع ذلك، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء المزيدة فيها، ف « إيَّابَ » على هذا « فِيعَال ».
وقيل : بل هو مصدر ل « أوَّبَ » بزنة « فَوْعَلَ » ك « حَوْقَلَ »، والأصل :« إوْوَاب » بواوين، الأولى : زائدة، والثانية : عين الكلمة، فسكنت الأولى بعد كسرة، فقلبت ياء، فصارت :« إيواباً »، فاجتمعت ياء وواو، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت في الياء بعدها، فوزنه « فِيعَال » ك « حِيقَال »، والأصل :« حِوقَال ».
وقيل : بل هو مصدر ل « أوَّبَ »، على وزن « فَعْوَل »، ك « جَهْور »، والأصل :« إوْوَاب » على ومن « فِعْوَال »، ك « جِهْوَار »، والأولى عين الكلمة، والثانية زائدة، وفعل به ما فعل بما قبله من القلب والإدغام، للعلل المتقدمة، وهي مفهومة مما مرَّ.
فإن قيل : الإدغام مانعٌ من قلب الواو ياء.
قيل : إنما يمنع إذا كانت الواو والياء عينان، وقد عرفت أن الياء في « فَيْعَل »، والواو في « فَوْعَل، وفَعْوَل » زائدتان.
وقيل : بل هو مصدر ل « أوَّبَ » بزنة :« فعَّل » نحو :« كذَّبَ كِذَّاباً »، والأصل :« إوَّاب » قلبت الواو الأولى ياء لانكسار ما قبلها، فقيل :« إيواباً ».
قال الزمخشريُّ : كديوان في « دِوَّان »، ثم فعل به ما فعل ب « سيِّد وميِّت »، يعني أصله : سَيْود، فقلبت وأدغم، وإلى هذا نحا أبو الفضل أيضاً.
إلاَّ انَّ أبا حيَّان ردَّ ما قالاه : بأنهم نصُّوا على أن الواو الموضوعة على الإدغام وجاء ما قبها مكسوراً، فلا تقلب الواو الأولى ياء لأجل الكسرة، قال : ومثلوا بنفس « إوَّاب » مصدر :« أوَّبَ » مشدداً، وب « اخرواط »، مصدر « اخروَّطَ » قال : وأما تشبيه الزمخشري ب « ديوان »، فليس بجيد؛ لأنهم لم ينطقوا بها الوضع مدغمة، ولم يقولوا :« دوان »، ولولا الجمع على :« دواوين » لم يعلم أن أصل هذه الياء واو، وقد نصوا على شذوذ :« ديوان »، فلا يقاس عليه غيره.


الصفحة التالية
Icon