وعن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنه - : الشَّفعُ : صلاة الصبح، والوَتْرُ : صلاة المغرب.
وقال الربيعُ بنُ أنس وأبو العالية : هي صلاة المغرب فالشفع منها : الركعتان الأوليان، والوتر : الثالثة.
وقال ابنُ الزبير : الشفع : الحادي عشر، والثاني عشر من أيَّام منى، والوتر : اليوم الثالي، قال تعالى :﴿ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فلا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ [ البقرة : ٢٠٣ ].
وقال عطاءٌ والضحاكُ : الشفعُ : عشر ذي الحجة، والوتر : أيام منى الثلاثة.
وقيل : الشفع والوتر : آدم - ﷺ - كان وتراً، فشفع بزوجته حواء، رواه ابن أبي نجيحٍ، وحكاه القشيريُّ عن ابن عباس [ رضي الله عنهما. وفي رواية : الشفع آدم وحواء، والوتر هو الله تعالى.
وقيل : الشفع درجات الجنة، وهي ثمان، والوتر هي دركات النار، وهي سبع، كأنه أقسم بالجنة والنار. قاله الحسين بن الفضل.
وقيل : الشفع : الصفا والمروة، والوتر : الكعبة.
وقال مقاتل بن حيان : الشفع الأيام والليالي، والوتر الذي لا ليلة بعده، وهو يوم القيامة.
وقيل غير ذلك ].
قال ابنُ الخطيبِ : كل هذه الوجوه محتملة، والظاهر لا شعار له بشيء من هذه الأشياء على التعيين، فإن ثبت في شيء منها خبرٌ عن الرسول - ﷺ -، أو إجماع من أهل التأويل، حكم بأنه المراد، وإن لم يثبت، وجب أن يكون الكلام على طريقة الجواز؛ لا على القطع، ولقائل أن يقول : إني أحمل الكلام على الكل؛ لأن الألف واللام في :« الشفع والوتر » يفيد العموم.
قوله :﴿ والليل إِذَا يَسْرِ ﴾، هذا قسم خامس، بعدما أقسم بالليالي العشر على الخصوص، أقسم بالليل علىلعموم، ومعنى « يَسْر » أي : يسرى فيه، كما يقال : ليل نائم، ونهار صائم؛ قال :[ الطويل ]

٥١٩١- لَقدْ لُمْتِنَا يا أم غِيلانَ في السُّرَى ونِمْتِ، ومَا لَيْلُ المَطِيِّ بِنائمِ
ومنه قوله تعالى :﴿ بَلْ مَكْرُ الليل والنهار إِذْ تَأْمُرُونَنَآ ﴾ [ سبأ : ٣٣ ]، وهذا قول أكثر أهل المعاني، وهو قول القتيبي والأخفش.
وقال أكثر المفسرين : معنى « يَسْر » : سار فذهب.
وقال قتادةُ وأبو العاليةِ : جاء وأقبل.
وقيل : المراد : ينقص، كقوله :﴿ إِذْ أَدْبَرَ ﴾ [ المدثر : ٣٣ ]، ﴿ إِذَا عَسْعَسَ ﴾ [ التكوير : ١٧ ].
و « يَسْرِ » : منصوب بمحذوف، هو فعل القسم، أي : أقسم به وقت سراه، وحذف ياء « يَسْري » وقفاً، وأثبتها وصلاً، نافع وأبو عمرو، وأثبتها في الحالين ابن كثير، وحذفها في الحالين الباقون لسقوطها في خط المصحف الكريم.
وإثباتها هو الأصل؛ لأنها لام فعل مضارع مرفوع، وحذفها لموافقة المصحف، وموافقة رءوس الآي، وجرياً للفواصل مجرى القوافي.
ومن فرق بين حالتي الوقف والوصل؛ فلأن الوقف محل استراحة.
قال الزمخشري :« وياء » يسري « تحذف في الدَّرج اكتفاء عنها بالكسرة، وأما في الوقف فتحذف مع الكسرة ».
وهذه الأسماء كلها مجرورة بالقسم، والجواب محذوف، [ تقديره :] ليعذبن، بدليل قوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon