٥٢١٩- فَلَيْسَ بِمعروفٍ لَنا أنْ نَرُدَّهَا | صِحَاحاً ولا مُسْتنكَرٌ أن تُعَقَّرَا |
وقوله في نحو قولك :« مررت أمس بزيد واليوم عمرو »، هذا المثال مخالف لما في الآية، بل وزان ما في الآية :« مررت بزيد أمس وعمرو اليوم » ونحن نجيز هذا.
وأمَّا قوله :« على استكراه »، فليس كما ذكر، بل كلام الخليل على المنع.
قال الخليل في قوله تعالى :﴿ والليل إِذَا يغشى والنهار إِذَا تجلى وَمَا خَلَقَ الذكر والأنثى ﴾ [ الليل : ١-٣ ] :« الواوان الأخريان ليستا بمنزلة الأولى، ولكنهما الواوان اللتان تضمان الأسماء إلى الأسماء في قولك : مررت بزيد وعمرو، والأولى بمنزلة الباء والتاء ».
وأما قوله :« إن واو القسم ليس يطرح معها إبراز الفعل إطراحاً كلياً » فليس هذا الحكم مجمعاً عليه، بل أجاز ابن كيسان التصريح بفعل القسم مع الواو، فتقول :« أقسم، أو أحلف والله لزيد قائم ».
وأما قوله :« والواوات العواطف نوائب عن هذا » إلى آخره، فمبني على أن حرف العطف عامل لنيابته مناب العامل، وليس هذا بالمختار.
قال : والذي يقول : إن المُعضلَ هو تقدير العامل في « إذا » بعد الإقسام، كقوله تعالى :﴿ والنجم إِذَا هوى ﴾ [ النجم : ١ ]، ﴿ والليل إِذْ أَدْبَرَ والصبح إِذَآ أَسْفَرَ ﴾ [ المدثر : ٣٣، ٣٤ ]، ﴿ والقمر إِذَا تَلاَهَا والنهار إِذَا جَلاَّهَا والليل إِذَا يَغْشَاهَا ﴾ [ الشمس : ٢-٤ ]، وما أشبهها ف « إذا » ظرف مستقبل، لا جائز أن يكون العامل فيه فعل القسم المحذوف؛ لأنه فعل إنشائي، فهو في الحال ينافي أن يعمل في المستقبل لإطلاق زمان العامل زمان المعمول، ولا جائز أن يكون ثم مضاف محذوف أقيم المقسم به مقامه أي وطلوع النجم، ومجيء الليل، لأنه معمول لذلك الفعل [ فالطلوع حال، ولا يعمل فيه المستقبل ضرورة أن زمان المعمول زمان العامل ولا جائز أن يعمل فيه نفس المقسم به لأنه ليس من قبيل ما يعمل، سيما إن كان جزماً ]، ولا جائز أن يقدر محذوف قبل الظرف فيكون قد عمل فيه، ويكون ذلك العامل في موضع الحال، وتقديره : والنجم كائناً إذا هوى والليل كائناً إذا يغشى، لأنه لا يلزم كائناً منصوباً بالعامل، ولا يصح أن يكون معمولاً لشيء مما فرضناه أن يكون عاملاً، وأيضاً، فقد يكون المقسم به جثة، وظروف الزمان لا تكون أحوالاً عن الجثث كما لا تكون أخباراً. انتهى ما رد به أبو حيان وما استشكله من أمر العامل في « إذا ».
قال شهاب الدين : المختار أن حرف العطف لا يعمل لقيامه مقام العامل، فلا يلزم أبا القاسم لأنه يختار القول الآخر، وقوله « ليس ما في الآية من العطف على عاملين » ممنوع بل فيه العطف على عاملين ولكنه في غموض، وبيان أنه من العطف على عاملين، أن قوله :﴿ والنهار إِذَا جَلاَّهَا ﴾ - ها هنا - معمولان، أحدهما مجرور وهو « النهار » والآخر منصوب وهو الظرف عطفاً على معمول عاملين والعاملان هنا في فعل المقسم به، الناصب ل « إذا » الأولى، وواو القسم الجارة، فقد تحقق معك عاملان، لهما معمولان، فإذا عطفت مجروراً على مجرور، وظرفاً على ظرف، معمولين لعاملين، لزم ما قاله أبو القاسم، وكيف يجهل هذا مع التأمل والتحقيق؟!.