وأما قوله :« وأنشد سيبويه » إلى آخره، فهو اعتراف منه بأنه من العطف على عاملين، غاية ما في الباب أنه استند إلى حكمه لسيبويه، وأما قوله : أجاز ابن كيسان، فلا يلزم مذهبه، وأما قوله : فالمثال ليس كالآية بل وزانها، إلى آخره، فصحيح لما فيه من تقديم الظرف الثاني على المجرور والمعطوف والآية والظرف فيها متأخر، وإنما مراد الزمخشري وجود معمول عاملين، وهو موجود في المثال المذكور إلا أن في الآية إشكالاً آخر، وهو كالتكرير للمسألة، وأما قوله : بل كلام الخليل يدل على المنع، إلى آخره، فليس فيه ردٌّ عليه بالنسبة إلى قصده بل فيه تقوية لما قال، غاية ما في الباب أنه عبر بالاستكراه عن المنع، ولم يفهم المنع، وقوله : ولا جائز أن يكون ثم مضاف محذوف، إلى آخره، فأقول : بل يجوز تقديره، وهو العامل، ولا يلزم ما قاله من اختلاف الزمانين، لأنه يجوز أن يقسم [ الآن بطلوع النجم في المستقبل، فالقسم في الحال والطلوع في المستقبل، ويجوز أن يقسم ] بالشيء الذي سيوجد وقوله « ولا جائز أن يقدر محذوف قبل الظرف فيكون قد عمل فيه » إلى آخره، ليس بممنوع بل يجوز ذلك ويكون حالاً مقدرة، وقوله « ويلزم ألاَّ يكون له عامل » ليس كذلك بل له عامل وهو فعل القسم، ولا يضر كونه إنشائياً، لأن الحال مقدرة كما تقدم، وقوله « وقد يكون المقسم به جثة » جوايه : يقدر حينئذ حدث، يكون الظرف الزماني حالاً عنه وسئل ابن الحاجب عن هذه المسألة، فأجاب بنحو ما ذكرناه والله اعلم، ولا يخلو الكلام فيها من بحث.
قوله :﴿ والليل إِذَا يَغْشَاهَا ﴾. المفعول « الشمس » : أي : يغشى الشمس فيذهب بضوئها عند سقوطها، قاله مجاهد.
وقيل : للأرض أي : يغشى الدنيا بالظلمة، فتظلم الآفاق فالكناية ترجع إلى غير مذكور. وجيء ب « يَغْشَاهَا » مضارعاً دون ما قبله وما بعده مراعاة للفواصل؛ إذ لو أتى به ماضياً لكان التركيب « إذ غشيها » فتفوت المناسبة اللفظية بين الفواصل والمقاطع.
قوله :﴿ والسمآء وَمَا بَنَاهَا ﴾. في « ما » هذه وجهان :
أحدهما : أن « ما » موصولة بمعنى « الذي » وبه استشهد من يجوز وقوعها على العقلاء، ولأن المراد به الباري تعالى، وإليه ذهب الحسن ومجاهد وأبو عبيدة، واختاره ابن جرير.