الحديث.
وروي عن علي - رضي الله عنه - : أن النبي ﷺ : قال له :« » أتَدْرِي من أشْقَى الأوَّلينَ «؟ قلت : الله ورسوله أعلم. قال ﷺ :» عَاقرُ النَّاقَةِ «، ثم قال :» أتَدْرِي من أشْقَى الآخرينَ «؟ قلت : الله ورسوله أعلم، قال :» قَاتِلُكَ « ».
قوله :﴿ فَقَالَ لَهُمْ ﴾. إن كان المراد ب « أشْقَاهَا » جماعة، فعود الضمير من « لهم » عليهم واضح وإن كان المراد به علماً بعينه، فالضمير من « لهم » يعود على « ثمود »، والمراد برسول الله يعني : صالحاً.
وقوله تعالى :﴿ نَاقَةَ الله ﴾ منصوب على التحذير، أي احذروا ناقة الله فلا تقربوها، وأضمار الناصب هنا واجب لمكان العطف، فإن إضمار الناصب يجب في ثلاثة مواضع :
أحدها : أن يكون المحذر نفس « إياك » وبابه.
الثاني : أنه يجب فيه عطف.
الثالث : أنه يوجد فيه تكرار، نحو « الأسد الأسد والصبيََّ الصبيَّ، والحذرَ الحذرَ ».
وقيل : ذروا ناقة الله، كقوله تعالى :﴿ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ في أَرْضِ الله ﴾ [ هود : ٦٤ ]. وقرأ زيد بن علي :« ناقَةُ اللهِ » رفعاً، على إضمار مبتدأ مضمر، أي : هذه ناقة الله فلا تتعرضوا لها.
قوله :﴿ وَسُقْيَاهَا ﴾. أي ذروها وشربها، فإنهم لما اقترحوا الناقة، أخرجها لهم من الصخرة وجعل لهم شرب يوم من بئرهم، ولها شرب يوم مكان ذلك، فشق عليهم، فكذبوه يعني صالحاً - ﷺ - في وعيدهم بالعذاب.
﴿ فَعَقَرُوهَا ﴾ أي : عقرها الأشقى، وأضاف إلى الكل، لأنهم رضوا بفعله.
قال قتادة : بلغنا أنه لم يعقر حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم.
وقال الفراء : عقرها اثنان، والعرب تقول : هذان أفضل الناس، وهذا خير الناس، وهذه المرأة أشقى القوم، فلهذا لم يقل : أشقياها.
قوله :﴿ فَدَمْدمَ ﴾. الدمدمة : قيل : الإطباق، يقال : دمدمت عليه القبر، أي : أطبقته عليه، أي : أهلكهم وأطبق عليهم العذاب ﴿ بِذَنبِهِمْ ﴾ الذي هو الكفر والتكذيب والعقر.
وقال المؤرج : الدمدمة : الإهلاك باستئصال.
وروى الضحاك عن ابن عباس :« دمدم عليهم، دمر عليهم ربهم » بذَنبِهم « أي : بجرمهم.
وقال الفراء :» فدَمْدَمَ « أي : أرجف. وحقيقة الدمدمة : تضعيف العذاب وترديده، ويقال : دممت على الشيء : أي : أطبقت عليه، فإذا كرر الإطباق قلت : دمدمت. وفي » الصحاح « : ودمدمت الشيء : إذا ألصقته بالأرض وطحطحته.
[ قال القشيري : وقيل دمدمت على الميت التراب أي سويته عليه، والمعنى على هذا فجعلهم تحت التراب فسواها أي فسوى عليهم الأرض، وعلى الأول : فسواها : أي فسوى الدمامة، وقيل : الدمدمة حكاية صوت الهدة، وذلك أن الصيحة أهلكتهم فأتت على صغيرهم وكبيرهم ].
وقال ابن الأنباري : دمدم : أي : غضب، والدمدمة : الكلام الذي يزعج الرجل ودمدمت الثوب طليته بالصيغ والباء في بذنبهم للسببية.