والجحيم : النار المؤجَّجَةُ.
﴿ وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ ﴾. « الغُصَّةُ » : الشجى، وهو ما ينشب في الحلق فلا ينساغ، ويقال :« غَصِصتُ » - بالكسر - فأتت غَاصٌّ وغصَّان، قال :[ الرمل ]

٤٩٣٠ - لَو بِغيْرِ المَاءِ حَلْقِي شَرِقٌ كُنْتُ كالغَصَّانِ بالمَاءِ اعتِصَارِي
والمعنى : طعاماً غير سائغ يأخذ بالحلق، لا هو نازل، ولا هو خارج وهو كالغسلين، والزَّقُّوم والضريع. قاله ابن عباس. وعنه أيضاً : أنه شوك يدخل الحلق فلا ينزل ولا يخرج.
وقال الزجاجُ : أي : طعامهم الضريع، وهو شوك كالعوسج.
وقال مجاهد : هو كالزقوم.
والغصة : الشجى، وهو ما ينشب في الحلق من عظم، أو غيره، وجمعها : غُصَص، والغَصَصُ - بالفتح - مصدر قولك « غَصِصْتَ » يا رجل تَغُصُّ، فأنت غاصٌّ بالطعام وغصَّان وأغْصصتُهُ أنا، والمنزل غاص بالقوم أي ممتلىء بهم «.
ومعنى الآية : أن لدينا في الآخرة ما يضادّ تنعمهم في الدنيا، وهذه هي الأمور الأربعة : الأنكال، والجحيم، والطعام الذي يغص به، والعذاب الأليم، والمراد به : سائرُ أنواع العذابِ.
قوله :﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الأرض والجبال ﴾. أي : تتحرك، وفي نصب »
يوم « أوجه :
أحدها : أنه منصوب ب »
ذرني «، وفيه بعد.
والثاني : أنه منصوب بنزع الخافض أي : هذه العقوبة في يوم ترجف.
الثالث : أنه منصوب بالاستقرار المتعلق به »
لَديْنَا «.
والرابع : أنه صفة ل »
عَذاباً « فيتعلق بمحذوف، أي عذاباً واقعاً يوم ترجف.
الخامس : أنه منصوب ب »
ألِيْم «.
والعامة :»
تَرجُف « - بفتح التاء، وضم الجيم - مبنياً للفاعل.
وزيد بن علي : مبنياً للمفعول، من أرجفها : والرجفة : الزلزلة والزعزعة الشديدة.
قوله :﴿ وَكَانَتِ الجبال ﴾، أي : وتكون الجبال ﴿ كَثِيباً مَّهِيلاً ﴾، الكثيب : الرمل المجتمع.
قال حسان :[ الوافر ]
٤٩٣١ - عَرفْتُ دِيَارَ زَينَب بالكَثِيبِ كخَطِّ الوحْي في الورَقِ القَشِيبِ
والجمع في القلة :»
أكْثِبَةٌ «، وفي الكثرة :» كثبان « و » كُثُب « ك » رَغيف وأرغِفَة، ورُغْفَان ورُغُف «.
قال ذو الرمة :[ الطويل ]
٤٩٣٢ - فَقلْتُ لهَا :
لا إنَّ أهْلِي لَجيرةٌ لأكْثِبَةِ الدَّهْنَا جَمِيعاً ومَالِيَا
قال الزمخشري : من كثبت الشيء إذا جمعته، ومنه الكثبة من اللبن؛ قالت الضائنة : أجَزُّ جُفالاً، وأحلبُ كُثَباً عُجَالاً.
[ والمهيل : أصله »
مهيول « ك » مضروب « استثقلت الضمة على الياء ] فنقلت إلى الساكن قبلها، وهو الهاء فالتقى ساكنان، فاختلف النحاة في العمل في ذلك : فسيبويه، وأتباعه حذفوا الواو، وكانت أولى بالحذف، لأنها زائدة، وإن كانت القاعدة إنما تحذف لالتقاء الساكنين الأول، ثم كسروا الهاء لتصح الياء، ووزنه حينئذ » مفعل «.
والكسائي والفراء والأخفش : حذفوا الياء، لأن القاعدة في التقاء الساكنين : إذا احتيج إلى حذف أحدهما حذف الأول، وكان ينبغي على قولهم أن يقال فيه :»
مهول « إلا أنهم كسروا الهاء لأجل الياء التي كانت فقلبت الواو ياء، ووزنه حينئذ » مفعول « على الأصل، و » مفيل « بعد القلب.


الصفحة التالية
Icon