قال امرؤ القيس :[ الطويل ]
٥٢٦٦- مِنَ القَاصِراتِ الطَّرفِ لوْ دَبَّ مُحوِلٌ | مِنَ الذَّرَّ فوْقَ الإتْبِ منْهَا لأثَّرَا |
قال أبو إدريس : إن مصداقه في كتاب الله :﴿ وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ﴾ [ الشورى : ٣٠ ].
قال مقاتل : نزلت في رجلين، وذلك أنه لما نزل ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطعام على حُبِّهِ ﴾ [ الإنسان : ٨ ]، كان أحدهم يأتيه السائلُ، فيستقل أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة، وكان الآخر يتهاون بالذَّنب اليسير، كالكذبة والغيبة والنظرة، ويقول : إنما أوعد الله النَّار على الكبائر، فنزلت ترغبهم في القليل من الخير أن يعطوه، فإنه يوشك أن يكثر، وتحذرهم اليسير من الذنب، فإنه يوشك أن يكثر، ولهذا قال النبي ﷺ :« اتَّقُوا النَّارَ ولَوْ بِشقِّ تَمرةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجدْ فَبِكَلمَةٍ طيِّبةٍ ».
فصل في قراءة « يره »
قوله :﴿ يَرَهُ ﴾، جواب الشرط في الموضعين.
وقرأ هشام : بسكون هاء « يَرَهُ » وصلاً في الحرفين، وباقي السبعة : بضمها موصولة بواو وصلاً، وساكنة وقفاً، كسائر « ها » الكناية.
ونقل أبو حيان عن هشام وأبي بكر : سكونها.
وعن أبي عمرو : بضمها مشبعتين، وباقي السبعة بإشباع الأولى وسكون الثانية انتهى.
وكان ذلك لأجل الوقف على آخر السورة غالباً، أما لو وصلوا آخرها بأول « العَادِيَات » كان الحكم الإشباع، وهذا مقتضى أصولهم، وهو المنقول.
وقرأ العامة :« يَرَهُ » مبنياً للفاعل فيهما.
وقرأ ابن عبَّاسٍ والحسن ابنا علي بن أبي طالب، وزيد بن علي وابو حيوة وعاصم والكسائي في رواية الجحدريِّ والسلمي وعيسى بن عمر : بضم الياء، أي : يريه اللهُ إياه.
قال القرطبيُّ : والأولى الاختيار، لقوله تعالى :﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً ﴾ [ آل عمران : ٣٠ ].
وقرأ عكرمة :« يَرَاه » بالألف، إما على تقدير الجزم بحذف الحركة المقدرة، وإما على توهم أن « من » موصولة. وتقدم هذا في أواخر « يوسف ». ومعنى « يره » أي : يرى جزاءه؛ لأن ما عمله قد مضى وعدم.