قال امرؤ القيس :[ الطويل ]

٥٢٦٦- مِنَ القَاصِراتِ الطَّرفِ لوْ دَبَّ مُحوِلٌ مِنَ الذَّرَّ فوْقَ الإتْبِ منْهَا لأثَّرَا
قال محمد بن كعب القرظي : فمن يعمل مثقال ذرة من خير من كافر، يرى ثوابه في الدنيا، في نفسه وماله وأهله ووطنه، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله خير، ومن يعمل مثقال ذرة من شر من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في ماله ونفسه وأهله وولده، حتى يخرج من الدنيا، وليس له عند الله شر، ودليله ما رواه أنس - رضي الله عنه - « أن هذه الآية نزلت على النبي ﷺ [ وأبو بكر يأكل فأمسك، وقال : يا رسول الله ]، وإنا لنرى ما عملنا من خير وشر؟ قال النبي :» يا أبا بكر، مَا رأيْتَ في الدُّنيا مِمَا تكرَهُ فَهُوَ مَثَاقيلُ ذر الشر، ويدخر لكم مثاقِيلُ ذرِّ الخَيْرِ، حتَّى تُعطوهُ يَوْمَ القِيَامَةِ « ».
قال أبو إدريس : إن مصداقه في كتاب الله :﴿ وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ﴾ [ الشورى : ٣٠ ].
قال مقاتل : نزلت في رجلين، وذلك أنه لما نزل ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطعام على حُبِّهِ ﴾ [ الإنسان : ٨ ]، كان أحدهم يأتيه السائلُ، فيستقل أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة، وكان الآخر يتهاون بالذَّنب اليسير، كالكذبة والغيبة والنظرة، ويقول : إنما أوعد الله النَّار على الكبائر، فنزلت ترغبهم في القليل من الخير أن يعطوه، فإنه يوشك أن يكثر، وتحذرهم اليسير من الذنب، فإنه يوشك أن يكثر، ولهذا قال النبي ﷺ :« اتَّقُوا النَّارَ ولَوْ بِشقِّ تَمرةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجدْ فَبِكَلمَةٍ طيِّبةٍ ».

فصل في قراءة « يره »


قوله :﴿ يَرَهُ ﴾، جواب الشرط في الموضعين.
وقرأ هشام : بسكون هاء « يَرَهُ » وصلاً في الحرفين، وباقي السبعة : بضمها موصولة بواو وصلاً، وساكنة وقفاً، كسائر « ها » الكناية.
ونقل أبو حيان عن هشام وأبي بكر : سكونها.
وعن أبي عمرو : بضمها مشبعتين، وباقي السبعة بإشباع الأولى وسكون الثانية انتهى.
وكان ذلك لأجل الوقف على آخر السورة غالباً، أما لو وصلوا آخرها بأول « العَادِيَات » كان الحكم الإشباع، وهذا مقتضى أصولهم، وهو المنقول.
وقرأ العامة :« يَرَهُ » مبنياً للفاعل فيهما.
وقرأ ابن عبَّاسٍ والحسن ابنا علي بن أبي طالب، وزيد بن علي وابو حيوة وعاصم والكسائي في رواية الجحدريِّ والسلمي وعيسى بن عمر : بضم الياء، أي : يريه اللهُ إياه.
قال القرطبيُّ : والأولى الاختيار، لقوله تعالى :﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً ﴾ [ آل عمران : ٣٠ ].
وقرأ عكرمة :« يَرَاه » بالألف، إما على تقدير الجزم بحذف الحركة المقدرة، وإما على توهم أن « من » موصولة. وتقدم هذا في أواخر « يوسف ». ومعنى « يره » أي : يرى جزاءه؛ لأن ما عمله قد مضى وعدم.


الصفحة التالية
Icon