وكذلك إذا وقع السيف على البيضة فاقتدحت ناراً فكذلك يسمونها.
قال النابغة :[ الطويل ]
٥٢٧٢- ولا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ | بِهِنَّ فُلولٌ من قِرَاعِ الكَتائبِ |
تَقُدُّ السَّلوقِيَّ المُضاعفَ نَسْجهُ | وتُوقِدُ بالصُّفَّاحِ نَارَ الحُبَاحِبِ |
٥٢٧٣- فَليْتَ لِي بِهمُ قَوماً إذَا رَكِبُوا | شَنُّوا الإغَارَة فُرْسَاناً ورُكْبَانَا |
قوله :﴿ فَأَثَرْنَ ﴾. عطف الفعل على الاسم، لأن الاسم في تأويل الفعل لوقوعه صلى ل « أل ».
قال الزمخشريُّ :« معطوف على الفعل الذي وضع اسم الفاعل موضعه، يعني في الأصل؛ إذ الأصل : واللاتي عدون فأورين فأغرن فأثرن ».
قوله :﴿ بِهِ ﴾. في الهاء أوجه :
أحدها : أنه ضمير الصبح، أي : فأثرن في وقت الصبح غباراً. وهذا حسن، لأنه مذكور بالتصريح.
الثاني : أنه عائد على المكان، وإن لم يجر له ذكر؛ لأن الإشارة لا بد لها من مكان، والسياق والعقل لا يدلان عليه، وإذا علم بالمعنى جاز أن يكون عما لم يجري له ذكر بالصريح كقوله تعالى :﴿ حتى تَوَارَتْ بالحجاب ﴾ [ ص : ٣٢ ]. وفي عبارة الزمخشري :« وقيل : الضمير لمكان الغارةِ »، وهذا على تلك اللغيَّة وإلا فالفصيح أن تقول : الإغارة.
الثالث : أنه ضمير العدو الذي دل عليه « والعَادِيَاتِ ».
وقرأ العامة : بتخفيف الثاء، أثار كذا إذا نشره وفرقه من ارتفاع.
وقرأ أبو حيوة، وابن أبي عبلة : بتشديدها.
وخرجه الزمخشري على وجهين :
الأول : بمعنى فأظهرن به غباراً؛ لأن التأثير فيه معنى الإظهار.
الثاني : قلب « ثورن » إلى « وثَرْنَ »، وقلب الواو همزة انتهى.
يعني : الأصل « ثَوّرنَ » من ثور يثور - بالتشديد - عداه بالتضعيف كما يعدى بالهمزة في قولك : أثاره ثم قلب الكلمة بأن جعل العين وهي الواو موضع الفاء وهي الثاء، ووزنها حينئذ « عفلن » ثم قلب الواو همزة، فصار :« أثَرْنَ »، وهذا بعيد جداً، وعلى تقدير التسليم، فقلب الواو المفتوحة همزة لا ينقاس، إنما جاءت منه ألفاظ ك « احد وأناة » والنقع : الغبار.
وأنشد :[ البسيط ]
٥٢٧٤- يَخْرُجْنَ مِنْ مُسْتَطَارِ دَائمَةً | كَأنَّ آذَانهَا أطْرافُ أقْلامِ |
٥٢٧٥- عَدِمتُ بُنَيَّتِي إنْ لَمْ تَروْهَا | تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَنفَيْ كَدَاءِ |
٥٢٧٦- فَمتَى يَنْقَعْ صُراخٌ صَادِقٌ | يُحْلبُوهَا ذَاتَ جَرْسٍ وزَجَلْ |