والأول أولى؛ لأنه كالوعيد والزجر له عن المعاصي.
قوله تعالى :﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخير ﴾. اللام متعلقة ب « شديد » وفيه وجهان :
أحدهما : أنها المعدية، والمعنى : وإنه لقوي مطيق لحب الخير أي : المال، يقال : هو شديد لهذا الأمر، أي : مطيق له، ويقال : لشديد : أي : بخيل، ويقال للبخيل : شديد ومتشدِّد؛ قال طرفة :[ الطويل ]
٥٢٨٥- أرَى المَوْتَ يَعْتَامُ الكِرَامَ ويَصْطَفِي | عَقِيلةَ مَالِ الفَاحشِ المُتَشَددِ |
قال ابن زيد : سمى الله المال خيراً، وعسى أن يكون شراً وخيراً، ولكن الناس يعدونه خيراً، فسماه الله تعالى خيراً لذلك، قال تعالى :﴿ إِن تَرَكَ خَيْراً ﴾ [ البقرة : ١٨٠ ] وسمى الجهاد سوءاً، فقال :﴿ فانقلبوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ الله وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سواء ﴾ [ آل عمران : ١٧٤ ] على ما يسميه الناس.
الثاني : أن « اللام » للعلة، أي : وإنه لأجل حبِّ المالِ لبخيل.
وقيل :« اللام » بمعنى « على ».
وقال الفراءُ : أصل نظم الآية أن يقال : وإنه لشديد الحب للخير، فلما قدم الحب قال :« لشديد » وحذف من آخره ذكر الحب؛ لأنه قد جرى ذكره، لرءوس الآي، كقوله تعالى :﴿ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ﴾ [ إبراهيم : ١٨ ] والعصوف : للريح لا للأيام، فلما جرى ذكرُ الرِّيحِ قبل اليوم، طرح من آخره ذكر الريح، كأنه قال : في يوم عاصف الريح.