وقال ابن العربي : قال ابن وهب عن مالكٍ : ولد رسول الله ﷺ عام الفيل [ قال ] قيس بن مخرمة : ولدت أنا ورسول الله ﷺ عام الفيل.
وقال عبد الملك بن مروان لعتَّاب بن أسيد : أنت أكبر أم النبي ﷺ ؟ فقال : النبي ﷺ أكبر مني وأنا أسنّ منه، ولد النبي ﷺ عام الفيل، وأنا أدركت سائسه وقائده أعميين مقعدين يستطعمان الناس.

فصل في أن قصة الفيل من معجزات النبي ﷺ


قال بعض العلماء : كانت قصة الفيل فيما بعد من معجزات النبي ﷺ وإن كانت قبله، وقبل التحدي، لأنها كانت توكيداً لأمره، وتمهيداً لشأنه، ولما تلا عليهم رسول الله ﷺ هذه السورة كان بمكة عدد كثير ممن شهد تلك الواقعة، ولهذا قال :« ألَمْ تَرَ » ولم يكن ب « مكة » أحد إلاَّ وقد رأى قائد الفيل، وسائقه أعميين [ يتكففان ] الناس.
قالت عائشة - رضي الله عنها - مع حداثة سنّها :« لقَدْ رَأيتُ قَائِدَ لفِيْلِ وسَائقَهُ أعْميَيْنِ يَسْتطعِمَانِ النَّاسَ ».
قوله :﴿ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ﴾، أي : في إبطال، وتضييع؛ لأنهم أرادوا أن يكيدوا قريشاً بالقتل، والسبي، والبيت بالتخريب، والهَدْم.
قالت المعتزلة : إضافة الكيد إليهم دليل على أنه - تعالى - لا يرضى بالقبيح، إذ لو رضي لأضافه إلى ذاته.
قوله :﴿ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ ﴾.
قال النحاة :« أبابيل » نعت ل « طير » لأنه اسم جمع.
وأبابيل : قيل : لا واحد له، كأساطير وعناديد.
وقيل : واحده :« إبَّول » ك « عِجَّول ».
وقيل :« إبَّال »، وقيل :« إبِّيل » مثل سكين.
وحكى الرقاشيّ :« أبابيل » جمع « إبَّالة » بالتشديد.
وحكى الفرَّاء :« إبالة » مخففة.

فصل في لفظ « أبابيل »


الأبابيل : الجماعات شيئاً بعد شيء؛ قال :[ الطويل ]
٥٣٠٩- طَريقٌ وجبَّارٌ رِوَاءٌ أصُولهُ عَليْهِ أبَابيلٌ من الطَّيْرِ تَنعَبُ
وقال آخر :[ البسيط ]
٥٣١٠- كَادَتْ تُهَدُّ مِنَ الأصواتِ رَاحِلَتِي إذْ سَالتِ الأرضُ بالجُرْدِ الأبابيلِ
قال أبو عبيدة : أبابيل : جماعات في تفرقة، يقال : جاءت الطير أبابيل من هاهنا، وهاهنا.
قال سعيد بن جبير : كانت طيراً من السَّماء لم ير مثلها.
« وروى الضحاك عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :» إنَّهَا طَيْرٌ بَينَ السَّماءِ والأرضِ تُعَشِّشُ وتُفرِّخُ «.
وعن ابن عباس - رضي الله عنه - كان لها خراطيم كخراطيم الفيلة، وأكفّ كأكفّ الكلاب.
وقال عكرمة : كانت طيراً خضراً خرجت من البحر، لها رُءُوس كرءوس السِّباع، ولم تر قبل ذلك، ولا بعده.


الصفحة التالية
Icon