قال ابن العربي : وليست المواقف التي ينتزع بها القراء شرعاً عن النبي ﷺ مروياً، وإنما أرادوا به تعليم الطلبة المعاني، فإذا علموها وقفوا [ حيث شاءوا، فأما الوقف عند انقطاع النفس فلا خلاف فيه، ولا تعد ما قبله إذا اعتراك ذلك، ولكن ابدأ من حيث وقف بك نفسك، هذا رأيي فيه ]، ولا دليل على ما قالوه بحالٍ، ولكني أعتمد الوقف على التَّمام، كراهية الخروج عنهم.
قال القرطبي :« وأجمع المسلمون أن الوقف عند قوله :» كَعصفٍ مأكُولٍ «، ليس بقبيح، وكيف يقال بقبحه، وهذه السورة تقرأ في الركعة الأولى، والتي بعدها في الركعة الثانية، ولا يمنع الوقف على إعجاز الآيات، سواء تمَّ الكلام أم لا ».
فصل في الكلام على قريش
قريش : اسم القبيلة.
قي : هم ولد النضر بن كنانة، وكل من ولده النضر فهو قرشي، وهو الصحيح وقيل : هم ولد فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، فمن لم يلده فهر فليس بقرشي، فوقع الوفاق على أن بني فهر قرشيون، وعلى أن كنانة ليسوا بقرشيين، ووقع الخلاف في النضر ومالك، ثم اختلف في اشتقاقه على أوجه :
أحدها : أنه من التقرُّش، وهو التجمُّع، سموا بذلك لاجتماعهم بعد تفرق، قال :[ الطويل ]
٥٣١٦- أبُونَا قُصَيٌّ كَانَ يُدعَى مُجمِّعاً | بِهِ جَمَّعَ اللهُ القَبائلَ مِنْ فِهْرِ |
والثالث : أنه من التفتيش، يقال : قَرَشَ يقرش عني أي : فتش، وكانت قريش يفتشون على ذوي الخلاَّت، فيسدون خلَّتهم.
قال الشاعر :[ الخفيف ]
٥٣١٧- أيُّهَا الشَّامِتُ المُقرِّشُ عَنَّا | عِنْدَ عَمْرٍو فَهلْ لهُ إبْقَاءُ |
فقال : لدابة في البحر يقال لها : القرش من أقوى دوابه، تأكل ولا تؤكل، وتعلُو ولا تُعْلَى.
وأنشد قول تبع :[ الخفيف ]
٥٣١٨- وقُريشٌ هِيَ الَّتي تَسكنُ البَحْ | رَ بِهَا سُمِّيَتْ قُريشٌ قُرَيْشَا |
تَأكُلُ الرثَّ والسَّمينَ ولا تَتْ | رُكُ فِيهَا لِذِي جَناحَيْنِ رِيشَا |
هَكَذا في البِلادِ حَيُّ قُريْشٍ | يَأكُلونَ البِلادَ أكْلاً كَمِيشَا |
ولهُمْ آخِرَ الزَّمانِ نبيٌّ | يُكْثرُ القَتْلَ فِيهمُ والخُمُوشَا |
٥٣١٩- غَلَبَ المَسامِيحَ الولِيدُ سَماحَةً | وكَفَى قُريْشَ المُعضِلاتِ وسَادَهَا |