وقرأ زيد بن علي :« يَوْمَ يَجْعَلُ » بإضافة الظرف للجملة، والفاعل على هذا هو ضمير الباري - تعالى - والجعل - هنا - بمعنى التصيير، ف « شيباً » مفعول ثان.
وقرأ أبو السمال :« فكيف تتَّقُون » بكسر النون على الإضافة.
والولدان : الصبيان.
وقال السديُّ : هم أولاد الزنا.
وقيل : أولاد المشركين، والعموم أصح أي يوم يشيب فيه الصغير من غير كبر، وذلك حين يقال لآدم : يا آدَمُ قَمْ فابْعَثْ بعثاً للنارِ. قال القشيريُّ : هم أهل الجنة، يُغيِّرُ اللَّهُ أحوالهم، وأوصافهم على ما يريد.
وقيل : هذا ضرب مثل لشدة ذلك اليوم، وهو مجاز لأن يوم القيامة لا يكون فيه ولدان، لكن معناه : أن هيبة ذلك اليوم بحال لو كان فيه هناك صبي لشاب رأسه من الهيبة، ويقال : هذا وقت الفزع قبل أن ينفخ في الصور نفخة الصعقِ. والله أعلم.
و « شيباً » : جمع « أشْيَب »، وأصل الشين الضم فكسرت لتصح الياء، نحو : أحْمَر حُمْرٌ؛ قال الشاعر :[ البسيط ]
٤٩٣٩ - مِنَّا الذِي هُوَ مَا إنْ طَرَّ شَارِبُهُ | والعَانِسُونَ ومنَّا المُرْدُ والشِّيبُ |
٤٩٤٠ -........................... | لَعِبْنَ بِنَا شِيباً، وشَيَّبْنَنَا مُرْدَا |
ويجوز أن يوصف اليوم بالطول فإن الأطفال يبلغون فيه أوان الشيخوخة والشيب.
قال ابن الخطيب : إن الله تعالى ذكر من هول ذلك اليوم أمرين :
الأول : جعل الولدان شيباً وفيه وجهان :
الأول : أنه مثلٌ في الشدة، يقال في اليوم الشديد : يوم يشيِّبُ نواصي الأطفال، والأصل فيه أن الهموم، والأحزان إذا تفاقمت على الإنسان، أسرع فيه الشيبُ لأن كثرة الهموم؛ توجب انكسار الروح إلى داخل القلب، وذلك الانكسار يوجب انطفاء الحرارة الغريزية، وضعفها يوجب بقاء الأجزاء الغذائية غير تامة النضج، وذلك يوجب استيلاء البلغم على الأخلاط، وذلك يوجب ابيضاض الشعر، فلما رأوا أن حصول الشيب من لوازم كثرة الهموم جعلوا الشيب كناية عن الشدة والهموم، وليس المراد أن هول ذلك اليوم يجعل الولدان شيباً حقيقة لأن إيصال الألم أو الخوف إلى الأطفال غير جائز يوم القيامة.
الثاني : ما تقدم من طول اليوم وأن الأطفال يبلغون فيه أوان الشيخوخة، والشيب.
قوله :﴿ السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ ﴾. صفة أخرى، أي : متشققة بسبب هوله وشدته، فتكون الباء سببية، وجوز الزمخشريُّ أن تكون للاستعانة، فإنه قال : والباء في « به » مثلها في قولك :« فطرت العود بالقدُومِ فانفَطرَ بِهِ ».