وقال أبو البقاء :« أو توكيد »، وهو غلط؛ لأن المظهر لا يؤكد بالمضمر.
والأبترُ : الذي لا عقب له، وهو في الأصل : الشيء المقطوع، من بترهُ، أي : قطعه.
وحمار أبتر : لا ذنب له، ورجل أباتر - بضم الهمزة - : الذي يقطع رحمه.
قال :[ الطويل ]

٥٣٢٧- لَئِيمٌ نَزتْ فِي أنْفهِ خُنزُوانَةٌ عَلى قَطْعِ ذِي القُرْبَى أحَذُّ أباتِرُ
وبتر - بالكسر - : انقطع ذنبه.
قال أهل اللغة : الأبتر من الرجال : من لا ولد له ومن الدواب : الذي لا ذنب له.
[ وكل من انقطع من الخير أثره، فهو أبتر. والبترُ : القطع بترت الشيء بتراً قطعته قبل الإتمام، والانبتار : الانقطاع، والباتر : السيف القاطع ].
وفي الحديث :« مَا هَذهِ البُتَيْرَاء؟ » لمن أوتر بركعة واحدة، فأنكر عليه ابن مسعود.
وخطب زياد خطبة بتراء، لم يذكر الله تعالى، ولا صلى على النبي ﷺ. وكان للنبي درع يقال لها :« البتراء » سميت بذلك لقصرها وقال ابن السكيت الأبتران : العِيْرُ والعبد، سيما بذلك لقلة خيرهما.
[ والبتريّة فرقة من الزيدية نسبوا إلى المغيرة بن سعد، ولقبه الأبتر ].
وقرأ العامة :« شَانِئك » بالألف، اسم فاعل بمعنى الحال، أو الاستقبال أو الماضي.
وقرأ ابن عبَّاس :« شنئك » بغير ألف.
فقيل : يجوز أن تكون بناء مبالغة ك « فعال » و « مفعال »، وقد أثبته سيبويه؛ وأنشد :[ الكامل ]
٥٣٢٨- حَذِرٌ أموراً لا تَضِيرُ، وآمِنٌ ما ليْسَ مُنْجِيَهُ مِنَ الأقْدَارِ
وقول زيد الخيل :[ الوافر ]
٥٣٢٩- أتَانِي أنَّهُمْ مَزقُونَ عِرْضِي جحَاشُ الكِرمَليْنِ لهَا قَديدُ
[ فإن كان بمعنى الحال، والاستقبال، فإضافته لمفعوله من نصب، وإن كان بمعنى المضي فهي لا من نصب.
وقيل : يجوز أن يكون مقصوراً من فاعل كقولهم : بر وبار، وبرد وبارد ].

فصل في أقوال العلماء في الآية


اختلف المفسرون [ في المراد ] بقوله تعالى :﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتر ﴾ فقيل : هو العاص بن وائل، وكانت العرب تسمي من له بنون، وبنات، ثم مات البنون، وبقي البنات : أبتر.
فقيل : إن العاص وقف مع النبي ﷺ يكلمه، فقال له جمع من صناديد قريش : مع من كنت واقفاً؟ فقال : مع ذلك الأبتر، وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله ﷺ وكان من خديجة - رضي الله عنها - فأنزل الله تعالى :﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتر ﴾ أي : المقطوع ذكره من خير الدنيا، والآخرة.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كان أهل الجاهلية، إذا مات ابن الرجل قالوا : بُتر فلان، فلما توفي إبراهيم ابن النبي ﷺ خرج أبو جهل لأصحابه، فقال : بتر محمد، فأنزل الله تعالى إن شانئك هو الأبتر يعني أبا جهل.
وقال شهر بن عطية : هو عقبة بن أبي معيط.


الصفحة التالية
Icon