ومعنى ذات لهب أي ذات اشتعال وتلهب، وقد تقدم القول فيه في سورة المرسلات.
قوله :﴿ وامرأته حَمَّالَةَ الحطب ﴾.
قرأ العامة : بالرفع، على أنها جملة من مبتدأ وخبر، سيقت للإخبار بذلك.
قيل : وامرأته، عطف على الضمير في « سيصلى » سوغه الفصل بالمفعول، و « حمَّالة الحَطبِ » على هذا فيها أوجه : كونها نعتاً ل « امرأته »، وجاز ذلك لأن إضافته حقيقية، إذ المراد المعنى، وكونها : بياناً أو بدلاً، لأنها أقرب من الجوامد لتمحض إضافتها، أو كونها خبراً لمبتدأ مضمر أي : هي حمالةُ.
وقرأ ابن عباس - رضي الله عنهما - : ومريئته حمالة الحطب.
وعنه أيضاً :« ومريته » على التصغير، إلا أنه أقر الهمزة تارة، وأبدلها ياء، وأدغم فيها أخرى.
وقرأ العامة :« حَمَّالةُ » بالرفع، وعاصم : بالنصب على الشَّتم. وقد أتى بجميل من سبّ أم جميل.
قال الزمخشري : وكانت تكنى أم جميل، لعنها الله.
وقيل : نصب على الحال من « امرأته » إذا جعلناها مرفوعة بالعطف على الضمير.
ويضعف جعلها حالاً عند الجمهور من الضمير في الجار بعدها إذا جعلناها ل « امْرَأتهُ » لتقدمها على العامل المعنوي، واستشكل بعضهم الحالية - لما تقدم - من أن المراد به المعنى، فتتعرف بالإضافة، فكيف يكون حالاً عند الجمهور؟.
ثم أجاب بأن المراد الاستقبال؛ لأنه ورد أنها تحمل يوم القيامة حزمة من حطب النار، كما كانت تحمل الحطب في الدنيا.
وفي قوله تعالى :﴿ حَمَّالَةَ الحطب ﴾ قولان :
أحدهما : هو حقيقة.
قال قتادة : كانت تعير النبي ﷺ بالفقر، ثم كانت مع كثرة مالها تحمل الحطب على ظهرها لشدة بخلها، فعيرت بالبخل.
وقال ابن زيد والضحاك : كانت تحمل العِضَاهَ، والشَّوك، فتطرحه بالليل على طريق النبي ﷺ وأصحابه، فكان ﷺ يطؤه كما يطأ الحرير.
وقال مُرَّة الهمذاني : كانت أم جميل - لعنها الله - تأتي كل يوم بإبالة من الحسك فتطرحها على طريق المسلمين، فبينما هي حاملة ذات يوم حزمة أعيت فقعدت على حجر لتستريح، فجذبها الملك من خلفها فأهلكها.
القول الثاني : أنه مجاز عن المشي بالنميمة، ورمي الفتن بين الناس؛ قال :[ الرجز ]

عليْهِمُ اللَّعْنَةُ تَتَرَى والحَرَبْ... وقال آخر :[ الطويل ]
٥٣٤٦- إنَّ بَنِي الأدْرمِ حَمَّالُو الحطبْ هُمْ الوشَاةُ في الرِّضَا وفي الغَضَبْ
٥٣٤٧- مِن البيضِ لَمْ تَصطَدْ عَلى ظَهْر لأمَةٍ لمْ تَمْشِ بَينَ الحَيِّ بالحطَبِ الرَّطبِ
وجعله رطباً تنبيهاً على تدخينه، وهو غريب من ترشيح المجاز، يعني لم تمش بالنمام.
وقال سعيد بن جبيرٍ : حمالة الخطايا، والذنوب، من قولهم : فلان يحتطب ظهره.
قال تعالى :﴿ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ على ظُهُورِهِمْ ﴾ [ الأنعام : ٣١ ].
وقرأ أبو قلابة :« حاملة الحطب » على وزن « فاعلة »، وهي محتملة لقراءة العامة، وقرأ عياض :« حمالة للحطب » بالتنوين وجر المفعول بلام زائدة تقوية للعامل كقوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon