٤٩٥٥ - نَحْنُ فِي المشْتَاةِ نَدْعُو الجَفلَى لا تَرَى الآدِبَ فِينَا يَنْتَقِرْ
وقال امرؤ القيس :[ الرجز ]
٤٩٥٦ - أنَا ابْنُ مَاويَّةَ إذْ جَدَّ النَّقُرْ... يريد : النقر، أي الصوت، والنقر في كلام العرب : الصوت؛ قال امرؤ القيس :[ الطويل ]
٤٩٥٧ - أخَفِّضُهُ بالنَّقْر لمَّا عَلوْتهُ ويَرْفعُ طَرْفاً غَيْرَ جَافٍ غَضِيضِ
والناقور :« فاعول » منه كالجاسوس من التجسس، وهو الشيء المصوّت فيه.
قال مجاهد وغيره : وهو كهيئة البوق، وهو الصور الذي ينفخ فيه الملك.
والنقير : فرع الشيء الصلب، والمنقار : الحديدة التي ينقر بها، ونقرت عينه : بحثت على أخباره استعارة من ذلك، ونقرته : أعبته.
ومنه قول امرأة لزوجها : مر بي على بني نظر، ولا تمر بي على بنات نقر، أرادت : ببني نظر الرجال لأنهم ينظرون إليها، وبينات نقر : النساء، لأنهن يعبنها وينقرن عن أحوالها.
قوله :﴿ عَلَى الكافرين ﴾. فيه خمسة أوجه :
أحدها : أن يتعلق ب « عسير ».
الثاني : أن يتعلق بمحذوف على أنه نعت ل « عَسِيرٌ ».
الثالث : أنه في موضع نصب على الحال من الضمير المستكنّ في « عَسِيرٌ ».
الرابع : أن يتعلق ب « يسير »، أي : غير يسير على الكافرين قاله أبو البقاء.
إلا أن فيه تقديم معمول المضاف إليه على المضاف، وهو ممنوع، وقد جوزه بعضهم إذ كان المضاف « غير » بمعنى النفي، كقوله :[ البسيط ]
٤٩٥٨ - إنَّ امْرَأ خَصَّنِي يَوْماً مودَّتهُ عَلى التَّنَائِي لعِنْدِي غَيْرُ مَكْفُورِ
وتقدم تحرير هذا آخر الفاتحة.
الخامس : أن يتعلق بما دل عليه « غَيرُ يَسيرٍ »، أي : لا يسهل على الكافرين.
قال الزمخشريُّ : فإن قلت : فما فائدة قوله :« غير يسير »، و « عسير » مغن عنه؟.
قلت : لما قال - سبحانه وتعالى - :« على الكافرين » فقصر العسر عليهم، قال :« غَيرُ يَسِيرٍ » ليؤذن بأنه لا يكون عليهم كما يكون على المؤمنين يسيراً هيناً، ليجمع بين وعيد الكافرين، وزيادة غيظهم، وتيسيراً للمؤمنين، وتسليتهم، ويجوز أن يراد أنه عسير لا يرجى أن يرجع يسيراً كما يرجى تيسير العسير من أمور الدنيا.

فصل في تعلق الآية بما بعدها


لما ذكر ما يتعلق بإرشاد النبي ﷺ ذكر بعده وعيد الأشقياء قيل : المراد بهذه الآية هو النفخة الثانية.
وقيل : الأولى، قال الحليمي في كتاب « المنهاج » : إنه تعالى سمى الصور اسمين، وإن كان هو الذي ينفخ فيه النفختان معاً، فإن نفخة الإصعاق غير نفخة الإحياء، وجاء في الأخبار أن في الصور ثقباً بعدد الأرواح كلِّها، وأنها تجمع في ذلك الثقب في النفخة الثانية، فيخرج عن النفخ من كل ثقبة روح إلى الجسد الذي نزع منه، فيعود الجسد حياً بإذن الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon