وقال الزمخشريُّ : جمع « عَشِير » مثل : يَمِين وأيْمُن.
وعن أنس - أيضاً - :« تِسْعَةُ وعْشُرْ » بضم التاء وسكون العين وضم الشين وواو مفتوحة بدل الهمزة.
وتخريجها كتخريج ما قبلها، إلا أنه قلب الهمزة واواً مبالغة في التخفيف، والضمة - كما تقدم - للبناء لا للإعراب.
ونقل المهدوي : أنه قرىء :« تِسْعَةٌ وعَشْرْ »، قال :« فجاء به على الأصل قبل التركيب وعطف » عَشْر « على » تِسْعَة «، وحذف التنوين، لكثرة الاستعمال، وسكون الراء من » عشر « على نية الوقف ».
وقرأ سليمان بن قتة : بضم التاء وهمزة مفتوحة، وسكون العين، وضم الشين وجر الراء من « أعْشُرٍ ».
والضمة على هذا ضمة إعراب، لأنه أضاف الاسم لها بعده فأعربهما إعراب المتضايفين وهي لغة لبعض العرب يفكون تركيب الأعداد، ويعربونها كالمتضايفين؛ كقوله :[ الرجز ]
٤٩٦٩ - كُلِّفَ مِنْ عَنائِهِ وشِقْوتِهْ | بِنْتَ ثَمانِي عَشْرةٍ مِنْ حِجَّتِهْ |
فصل في معنى الآية
معنى الآية : أنه يلي أمر تلك النار تسعة عشر من الملائكة يلقون فيها أهلها.
قيل : هم خزنة النار، مالك وثمانية عشر ملكاً.
وقيل : التسعة عشر نقيباً، وقال أكثر المفسرين : تسعة عشر ملكاً بأعيانهم.
قال القرطبي : وذكر ابن المبارك عن رجل من بني تميم، قال كنا عند أبي العوام.
فقرأ هذه الآية، فقال : ما تسعة عشر تسعة عشر ألف ملك أو تسعة عشر ملكاً؟ قال : قلت : لا بل تسعة عشر ملكاً، قال : وأنى تعلم ذلك؟
فقلت : لقول الله - تعالى - :﴿ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ [ المدثر : ٣١ ]
قال : صدقت، هم تسعة عشر ملكاً.
قال ابنُ جريج : نعت النبي ﷺ خزنة جهنم، فقال رسول الله ﷺ :« أعْينُهُمْ كالبَرْقِ، وأنْيابُهمْ كالصَّيَاصي، وأشْعارُهمْ تَمَسُّ أقْدامَهُمْ يَخرجُ لهَبُ النَّارِ مِنَ أفْواهِهِمْ »، الحديث.
قال ابن الأثير :« الصَّياصِي : قرون البقر ».
وروى الترمذي عن عبد الله قال :« قال ناس من اليهود لأناس من أصحاب النبي ﷺ : هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم؟
قالوا : لا ندري حتى نسأله فجاء رجل الى النبي ﷺ فقال : يا محمد غلب أصحابك اليوم، فقال : وبماذا غلبوا؟.
قال : سألهم يهود، هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم؟.
قال : فماذا قالوا؟ قال : فقالوا : لا ندري حتى نسأل نبينا ﷺ قال ﷺ : أيغلب قومٌ سئلوا عما لا يعلمون، فقالوا : لا نعلم حتى نسأل نبينا ﷺ ؟ لكنهم قد سألوا نبيهم، فقالوا : أرنا الله جهرة، عليّ بأعداء الله، إني سائلهم عن تربة الجنة، وهي الدرمك، فلما جاءوا، قالوا : يا أبا القاسم، كم عدد خزنة جهنم؟.
قال رسول الله ﷺ :» هَكذَا، وهَكذَا «، في مرة عشرة، وفي مرة تسعة، قالوا : نعم فقال لهم رسول الله ﷺ :» مَا تُربَةُ الجنَّةِ «؟ فسكتوا، ثم قالوا : أخبرنا يا أبا القاسم، فقال رسول الله ﷺ :» الخُبْزُ مِنَ الدَّرْمكِ «.